أبتاه! والذكرى حياة طلقة ... تفني السنين وإن مررن قرونا
قد كنت لي عموناً فصرت بغيره ... لا أعرفن على الزمان معينا
قد مر عيشي بعد فقدك علقما ... ولقيتُ من دنيا الهموم فنونا. . .
وألفت أُكدر الحياة كريهةً ... ورضيت بعدك أن أذوق الهُونا
لو كنت حياً لم تكن لي غصة ... ولكان همي عارضاً مرهونا. . .
أشتاق طيفك في المنام يزورني ... فيخاصم النومُ العنيدُ جفونا
فأزور قبرك في الغداة يهزني ... شغف بقربك لا يزال كمينا
وأطوف بالقبر الذي أودعته ... أملا عزيزاً في التراب دفينا
ويطول بي التطواف غير ملولة ... أعلي النداء تشوفا وحنينا
ويظل صوتي هاتفا في كربة ... حتى يمزقه الهتاف أنينا
وأروح من بعد الطواف حسيرة ... في سكرة تدع الفؤاد طعينا
أبتاه! إن بكت الرفاق فقد بكي ... قلما يتيه به الأديب مبينا
وبكت إخاءك إذ رحلت مصافيا ... ثبت المقام على الإخاء أمينا
وأنا التي أبكيك. كنز أبوة ... أبكيك ركنا في الحياة ركينا
أبكيك قلبا خافقا لي رحمة ... ما إن يزال بها الزمان ضنينا
أبكي منار هدى، وظل هناءة ... ومناط عز لا يرام مكينا
فلئن ذكرتك في مغيبك، إن لي ... قلبا بموصول الوقاء ضمينا
وداد صادق عنبر