(لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في بدني شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة، وهاأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير! فلا نامت أعين الجبناء)
خالد بن الوليد
يعد خالد بن الوليد من اكبر قادة العرب في عهد الفتوح الأولى، وهو بلا منازع من أفذاذ الرجال الذين حالفهم النصر ووأيدهم الظفر في الممامع والحروب بلا استثناء.
ولم يذكر قط له التاريخ وقعة خسر فيها المعركة وهو قائدها، حتى في معركة موته التي وقعت في السنة الثانية للهجرة في شرقي الأردن بين الطفيلة والكرك، أنقذ خالد المسلمين ببطولته وإقدامه، برغم تفوق الأعداء الأكيد وموت الذين تولوا القيادة على التعاقب عملا بوصايا الرسول. وفي غزوة أُحد كان خالد يقود خيالة قريش فبقى في الميمنة يشاغل ربيئة المسلمين الموفدة لحماية الميسرة بالهجوم عليها من حين إلى آخر، ويراقب سير القتال بين المسلمين وقريش إلى أن رأى ربيئة المسلمين تركت موقعها وسارعت للاشتراك في الغنيمة. فهجم بخيالته ملتفا وراء المسلمين وقاطعا عليهم خط الرجعة، فقلب نصر المسلمين إلى انكسار انتهى إلى انهزام المسلمين وجرح الرسول.
قلنا من الوقائع التي اشترك فيها خالد بن الوليد في عهد إشراكه وإسلامه أن تلك الوقائع جميعا انتهت إلى النصر المبين.
ومما لا شك فيه أن خالدا من اقدر قواد العرب على القيادة. فجدير بالضباط أن يدرسوا حركاته إن في حروب الردة أو في فتح العراق أو فتح سوريه. ومن الواضح انهم سيطلعون على الأسس القويمة التي كان يسير عليها ويرون فيها تنفيذ مبادئ الحرب التي لا تزال مرعيه حتى يومنا هذا.
ولقد قال خالد قبل وفاته انه شهد مائه زحف أو زهاءها، وما في بدنه موضع شبر إلا وفيه