ضربة أو طعنة. ولا نبالغ إذا قلنا انه خرج من تلك الزحوف بأجمعها غالبا منصورا.
١ - مصادر البحث:
من العسير جدا البحث في أخبار الفتوح الأولى بحثا يمكننا من الاطلاع على الخطط العسكرية والأسباب التي أدت إلى وضعها والنتائج التي أسفرت عنها الحركات. ذلك لان القصاصين أو مدوني السير والمغازي أو مؤرخي الفتوح ليسوا من أبناء الجيل الفاتح، فقد دونوا الأخبار بالسماع أو نقلاً بالإسناد. وقد نراهم غير متفقين في تدوينهم الأخبار على التاريخ والمكان اللذين وقعت فيهما المعركة، ولا على مقدار القوة التي اشتركت فيها، ومن المعارك ما لم يتفق المؤرخون على زمن وقوعها. والحقيقة أن التاريخ العسكري يثبت المعارك التي جرت قبل الميلاد بمقدماتها ونتائجها وتفاصيلها، وقد يستخرج منها الباحث الأسس الحربية دون عناء.
فالمعارك التي نشبت بين الجيش المكدوني بقيادة الاسكندر والجيش الفارسي في نهاية القرن الرابع قبل الميلاد تم تدوينها بصورة اقرب إلى الصحة من الوقائع التي نحن بصددها.
أما المعارك التي جرت بين الجيوش الرومانية وجيوش الأقوام المهاجرة، والقتال الذي نشب بين القياصرة والقواد المطالبين بالعرش، فأخبارها مفصلة في كتب التاريخ إلى حد أن الباحث فيها لا يرى مشقة في استقصاء الحوادث.
فمعركة (كانية) التي نشبت سنة ٢١٦ قبل الميلاد بين الجيش القرطاجي بقيادة هنبال والجيش الروماني، كانت ولا تزال مثالا ينسج القادة العظام على منواله تعبئة الجيش في ميدان المعركة، وهي بلا منازع معركة نموذجية تتوق نفس كل قائد إلى تقليدها.
والسبب في تدوين أخبار هذه المعارك تدوينا صحيحا مع أنها نشبت قبل الفتوح العربية بعدة قرون، هو أن المؤخرين الذين اثبتوا أخبارها إما أنهم اشتركوا فيها فعلا، وأما انهم قادوها بأنفسهم، وأما انهم عاشوا في زمن وقوعها.
فالقائد زينوفون اليوناني الذي قاد العشرة الآلاف من بلاد بابل إلى اليونان راجعاً بهم إلى بلاده سجل حوادث تلك الرجعة في كتابه (الزحف) (اناباسيس وهذا الكتاب لا يزال مرجعا ثقة للباحثين العسكريين. وكذلك سجل يوليوس قيصر أخبار فتوحه في بلاد جرمانية