(هل يحسن بالشعر أن يكون واضحا حتي لا خلاف فيه أم أن
بعض الغموض فيه مغتفر بل مطلوب) - ط. ح -
يذكر قراء الرسالة ان الدكتور طه حسين كان قد عقد فصلاً ممتعاً حول غموض الشعر ووضوحه، وكان خلال بحثه يرمي الى غاية، وهي ان الشعر الغامض قد ينطوي على ابداع فني. ويذكرون ايضا انني علقت على الموضوع بكلمة ذهبت فيها الى ان الجمال والغموض لا يجتمعان في صعيد واحد، وانتهيت الى ان كل بديع في هذا الكون من منظر الى صوت الى شعر يلازمه الوضوح كيفما تكيف وتطور أو تصور، وأن الوضوح هو جوهر الجمال.
وكان لي من تعليقي على مقال الدكتور غرض جوهري لم يخف على القارئ الاديب كما كان لي من ورائه امل في ان ينشط الادباء للكتابة حول الموضوع بالنظر لما أعتقده فيه من خطورة. وقد تحقق شيء من هذا الأمل بتعليق الاديب الفاضل شوقي ضيف على مقالي حول الغموض والوضوح بما يعرفه القراء الذين تتبعوا هذا البحث.
يتساءل الدكتور طه حسين (هل يحسن بالشعر ان يكون واضحاً حتى لا خلاف فيه).
نعم يحسن بالشعر ان يكون واضحاً حتى لا خلاف فيه اذا كان هم الشاعر ان يضمنه صوراً جميلة، وسوانح رائعة، لأن القارئ لا يستطيع ان يتبين الصورة الجميلة اذا كانت مغمورة في حجب الغموض الكثيفة ولا تتأثر نفسه بروعة السوانح الفكرية، والخوالج النفسية اذا كانت متلفعة من الشعر الغامض بأستار مظلمة.
الشعر الفاظ وتعابير، يستعين بها الشاعر على وصف مشاهد الكون وتصوير الحادثات، والانفعالات والانطباعات النفسية المتكونة من تأثير المحيط الخارجي في نفسه. فهو اذن وسيلة وليس غاية. والشعر بالفاظه وتعابيره واصطلاحاته واوزانه وقوافيه للشاعر كالقيثارة أو الكمان أو البيان للموسيقى. يجلس الموسيقى على شاطئ بحر في ليل عاصف، فتتأثر نفسه بصفير الرياح وهزيم الرعد وتلاطم الامواج، فيحاول ان يصور تأثير نفسه