في مطلع عام ١٩٤٨، أصدر الأستاذ ميخائيل عواد كتيباً صغير الحجم، طريف الموضوع، سماه:(المآصر في بلاد الروم والإسلام). ذكر في مقدمته:(أن مواده نشرت في ستة أعداد من مجلة المقتطف في سنتي ١٩٤٤ - ١٩٤٥م، وأنه رجع إليها بعد ذلك، فزاد فيها وهذب حتى استوى منها هذا الكتاب الجديد).
والأستاذ ميخائيل عواد باحث دقيق، واسع الحيلة، كثير الأناة، جميل الصبر على مشاق البحث، ومتاعب التنقيب، يعمل في هدوء وصمت وأدب، وهو مثل أخيه الأستاذ كوركيس عواد من تلاميذ مدرسة فقيد العربية الأب أنستاس الكرملي، أخذا عنه، وورثا طريقته في البحث والاستقصاء، والعناية الفائقة، والدقة والإتقان في كل ما يكتبان، وقد اخرجا منفردين ومجتمعين آثاراً قيمة، ونشر أبحاثاً دقيقة مما يذكرها لهما قراء العربية بالإعجاب والتقدير.
وكتاب (المآصر في بلاد الروم والإسلام) الذي أصدره الأستاذ ميخائيل عواد أخيراً صغير الحجم في نحو تسعين صفحة مع فهارسه الخمسة التي استغرقت عشرين صفحة منه، ولكنه مع صغر حجمه بحث قيم، وموضوع جديد على المكتبة العربية. ويظهر من الاطلاع عليه أنه مجهود شاق، وعمل عظيم في بابه، وحسب القارئ الكريم أن يعلم أن مؤلفه رجع - في إعداده - إلى نحو تسعين مرجعاً قديماً بين مخطوط ومطبوع، وأبحاث ومقالات في المجلات.
وقبل أن نعرض لكتاب (المآصر في بلاد الروم والإسلام)، وتبين مقدار التوفيق الذي بلغه مؤلفه في بحث موضوعه نرى أن نضع بين يدي القارئ الكريم موجزاً في مفهوم (المآصر)، ومعناها في اللغة ومبناها من حيث التصريف، ثم ما يقصد منها عند الإطلاق حتى يكون على بصيرة، ويستطيع الحكم - وهو على بينة من أمره - على مجهود الأستاذ صاحب المآصر، ومقدار حظه من التوفيق.
فالمآصر جمع مأصر، والمأصر بفتح الميم وسكون الهمزة وكسر الصاد، اسم مكان على وزن مفعل بكسر العين من أصر يأصر بمعنى حبس يحبس، فالمأصر على ذلك موضع