يا كافرين بالشعر والأحلام والحب! أتريدون بعد حادث اليوم معجزة؟
هذا ملك المغرب، وإمبراطور المشرق، وإله البحر، وصاحب العرش المحمول على أعناق الشعوب، ووارث التاج المتألق على جباه القرون، وخليفة المجد المحفوف بالجلال الباهر والسؤدد العريق والسنَّة المقدسة، وسليل الدم السَّرى الذي يتدفق بالحياة في هدوء ويجيش بالنشاط في ثبات، وربيب البيئة التي تعظم القوانين وتقدس التقاليد وتعبد الإمبراطورية؛ هذا هو ينزل عن العرش، ويلقي التاج، وينبذ اللقب، ويهجر الوطن، ويلحق بحبيبته أميراً لا يميزه شعار، وإنساناً لا تحدوه أبَّهة، وفرداً لا تصحبه حاشية!
يا جاحدين لسلام الروح وراحة القلب ورضى العاطفة، أتمارون بعد اليوم في هذه الآية؟
زعمتم أن الأرض بدلِّت غير الأرض، والدنيا أصبحت غير الدنيا، فقدَّرتم سعادة الحياة بالوزن والكيل والمساحة، وقلتم أودى منطق العقل بإلهام القلب، وأزرت مادية العلم بروحية الأدب، وغلبت أثرة المنفعة على إيثار التضحية؛ ورحتم تتجهزون بما صنع العلم من صواعق وزلازل وبراكين، لتنسفوا ما قام من المدينة، وتقتلوا ما بقي من الإنسانية، وتقرُّوا في ملكوت الله نظاماً لا يعيش فيه جمال ولا خير ولا حق؛ فقام أكبر ملك في العالم، على أظهر مكان في الأرض، يعلن أن عظمة الملك لا تضمن سعادة النفس، وسلطان العرش لا يعوض حرية الإرادة، وجواهر التاج لا تساوي بسمة الحبيب!
سبحانك يا بديع الحياة والحي! ما هذا الذي تضعه في العيون فنسميه سحراً، وتجريه على الشفاه فندعوه جاذبية، وترسله في الأعضاء فيكون رشاقة؟ ما هذا الذي تودعه هذا الجسم الرقيق الناعم فيقهر سطوة الجبار، ويسوِّي أخدع المتكبر، ويطأطأ أشراف الملك؟ أهو إعجاز القدرة التي تغلب بالأضعف؟ أم سر الحكمة التي تمكر بالأقوى؟ أم روح القدس الذي ينفّذ قانون الحياة في هذا الكوكب؟
بين سورة الملك وأمانة التاج، وبين فتنة الجمال ومحنة الهوى، وقف العاهل ادوار الثامن يتحسس في مطاوي الغيب مشيئة القدر: أيعيش في نفسه ولنفس، أم يعيش في جنسه وللناس؟ أيظل رمزاً لأمته يخفق فوق رءوسها كالعلم، ويتغلغل في قلوبها كالأيمان، ويتردد