يتساءل الناس عما يحدث في روسيا السوفيتية، وما هو سر هذه المحاكمات الدموية التي تتري منذ عام في موسكو، والتي يقبض فيها على أكابر الزعماء جماعات، ثم يعدمون بعد محاكمة مرتبة موجزة؟ ففي الصيف الماضي قبض على عدة من الزعماء وعلى رأسهم سينو فييف رئيس الدولة الشيوعية الأسبق، وحوكموا بتهمة التآمر على سلامة الدولة بتحريض ليون تروتسكي زعيم البلشفية المنفي، وأعدموا بعد محاكمة قصيرة؛ ثم عقدت خلال الأشهر الأخيرة عدة محاكمات مماثلة، حكم فيها بالموت أو السجن على عدة أخر من الزعماء البارزين مثل العلامة الفيلسوف بوخارين رئيس الدولة الشيوعية السابق، وكارل رادك أعظم كتاب البلشفية المعاصرين، وياجودا مدير البوليس السري وغيرهم؛ ومنذ أسابيع قلائل امتدت يد المطاردة إلى الجيش الأحمر وقبض على عدة من قادته وفي مقدمتهم المارشال توخاتشفسكي، وحوكموا بسرعة مدهشة بتهمة الاتصال بدولة أجنبية معادية لروسيا وإمدادها بمعلومات عن الجيش الأحمر وعن أسرار روسيا العسكرية، ثم اعدموا ليلة صدور الحكم؛ وأذاعت الأنباء على اثر ذلك أن بوادر التمرد ظهرت في بعض وحدات الجيش الأحمر، وأن الثورة نشبت بالفعل في بعض أنحاء روسيا، وأن طاغية الكرملين ستالين، يلجأ في إخماد التذمر أو الهياج إلى أروع الوسائل، وهكذا؛ فما هي عوامل هذا الاضطراب الذي يتخذه البعض نذيراً بانهيار النظام السوفيتي؟ وما هي الحقيقة وراء ذلك كله؟
إن الثورة البلشفية التي سحقت عرش القياصرة منذ سنة ١٩١٧، وبسطت على روسيا سيادة (الكتلة العاملة)، واتخذتها ميداناً للتجربة الشيوعية، لم تصل بعد إلى نهايتها؛ وما زالت روسيا السوفيتية تعيش منذ عشرين عاماً في ظل نظم ثورية تسير من طور إلى طور؛ وهذا الصراع الذي يضطرم اليوم بين ستالين وبين جماعة من خصومه، والذي تبدو