للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لمحة من سيكولوجية الطفل]

للدكتور فضل أبو بكر

غاية كل كائن حي مما يبديه من مجهود وما يبذله من حركة إنما ترمى إلى هدف واحد هو الحصول على شئ من التوازن، لملاءمته للبيئة التي تكتنفه والوسط الذي يعيش فيه وهو شرط أساسي لبقائه وحفظ نوعه، وكلما كان الكائن معقد التركيب دقيق الصنع كانت بيئته معقدة صعبة وكان مجهوده أكبر وعناؤه أشد لملاءمة تلك البيئة.

والبيئة فيما يتعلق بالإنسان الذي نحن بصدد دراسة جانب من سيكولوجية طفله - تنقسم إلى قسمين هما:

١ - البيئة الطبيعية

٢ - البيئة الاجتماعية

فالأولى تشمل الأرض التي يعيش فوق أديمها من خصبها وجدبها ومن نجدها وغورها ومن ماء عذب وأجاج ومن طقس رطب وجاف، ومناخ حار ومعتدل وبارد إلى غير ذلك من المحيط الطبيعي. والثانية أي الاجتماعية هي اصطناعية عرفية من خلق الإنسان نفسه؛ لهذا تختلف باختلاف الأمم والأجناس والعادات والبقاع، وتخضع لمجموعة من القوانين السماوية والوضعية تلزم الإنسان بما عليه من واجبات نحو غيره وبما له من حقوق لدى المجتمع، وهى بيئة أكثر تعقيداً من الأولى لأنها كما سبق ذكره من عمل الإنسان وهو عمل ناقص إذا قورن بعمل الطبيعة؛ ومن هنا كانت مضطربة دائمة التحول والتبدل تنشد الكمال بقدر المستطاع.

فالإنسان يؤثر في محيطه بنوعيه من طبيعي واجتماعي، ويحاول إخضاعه لحد ما ليكون ملائماً له وهو ما يحدث بظاهرة الإخضاع (والتمثيل) كما أن بيئته نفسها تحاول أن تؤثر فيه وتخضعه لحد ما ليكون ملائما لها وهو ما يحدث بظاهرة الخضوع والتكييف وهو تحوير وتبديل جسماني ونفساني لذلك الغرض.

فهو لهذا في كر وفر مع بيئته يخضعها ويخضع لها حتى تناسبه ويناسبها، ولكن المناسبة المنشودة لا يمكن أن تتم وتكتمل وإنما هي نسبية وغير مستقرة، ومن هنا كانت حركته الدائمة وتغيره المستمر، وهما أبرز مميزات الحياة، وما نمو الطفل وتغيره الجسمي والعقلي

<<  <  ج:
ص:  >  >>