[من أصداء البحر]
بين عشية وضحاها
للأستاذ إبراهيم العريض
- ١ -
على شاطِئِ البَحرِ - في قريةٍ ... تَلوحُ بعًزلتها الدائِمَهْ
كأنَّ الدُجى لفَّها بالسُّكونِ ... فما بَرحَت دهرَها نائِمِه
تطلُّ عليْها عَروسُ النهارِ ... فَتلبثُ في جوَّها حالمِه
وللبدرِ في أُفقها قُبلةٌ ... تَطولُ. . . ولكِنَّها ناعِمه
بِناءٌ يَذكرُ سُكانَها ... بِشامخِ أبنيةِ العاصِمه
يقيمُ بهَ نائبٌ - أمْرُهُ ... مُطاعٌ - وسطوتُه غاشِمه
فلوْ أيقظَ البحرُ أمواجَهُ ... لمرَّتْ بأعتابهِ لأثِمه
كذلكَ كانَ شُعورُ السوادِ ... من الذُلِّ نحوَ اليدِ الحاكِمه
وأكواخُهمْ وسطَ هذا الإطارِ ... تموجُ بألوانِها القاتِمَه
وتفتحُ نافِذةَ القصْر خَودٌ ... مساءً وتمعنُ إمْعانَها
فَيحلو لها أن ترى الشمسَ تسجُ - دُ سجدةَ شكرٍ لمنْ زانَها
وهَبها توارتْ وراَء الغُيومِ ... فهلْ تُنكرُ الأرضُ إحسانَها
ويعرضُ مِرآته البحرُ حتّى ... تُجِّملَ - سافِرةً - شانَها
وأموجهُ في هُدُوءٍ أمامَ ال ... نَعيمِ تُلمْلمُ أردانَها
فلا هُوَ يتركُها تستقرُّ ... ولا هي تهجرُ شُطآنَها
وتُبصِرُ في قاربٍ فِتيةً ... تُمدُّ إلى الصَيدِ أشطانَها
فيغمُرها فرَحٌ بالحياةِ ... فتُعلنُ للقصرِ عصيانَها
وتخرجُ نشْوى على رمْلِهِ ... تُرَدِّدُ كالطيرِ ألحانَها
وتركبُ في زورقٍ كالهلالِ ... يعومُ بها نجمةً زاهِرهْ
فتأخذُ في جذفهِ باليدينِ ... وفي صدرِها موجةٌ زاخِره