للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصة المكروب]

كيف كشفه رجاله

ترجمة الدكتور أحمد زكي

وكيل كلية العلوم

كوخ

رابع غزاة المكروب

طبيب القرية الذي ضجر بالطب لجهله أسباب الداء ثم ادعائه علاجه؛ الذي شغله البحث في أصول الأمراض عن مداواة أربابها؛ الذي حقق أحلام بستور وأثبت أن المكروب ينتج الأمراض، وأن لكل مرض مكروباً يخصه، ويخصه وحده؛ الذي علم الدنيا كيف تصطاد النوع الواحد من المكروبات، وتصطاده خالصاً خالياً من الأخلاط؛ الذي كشف مكروب الجمرة الخبيثة، قاتلة الماشية والإنسان، ومكروب السل قاتل الإنسان والحيوان؛ الرجل الذي كشف مكروب الكوليرا على أرض مصروفي أجسام ضحاياها. البطل الذي نزل بساحات الموت فأظلته فيها أرفع بنوده، وقاتلته على أرضها أفتك جنوده، فأسر منها على هواه، وخرج عنها سالماً قد أخطأته سهامها قضاء وقدراً.

المترجم

- ٣ -

كان كوخ مستقرّ النفس، بارد العاطفة؛ فلما نجا من هذه المخاطر بسلام، وأصاب بها ما أمّل من نجاح، لم يَدُرْ بخلده أنه أصبح في عداد الأبطال، ولم يخطر بباله أن ينشر أبحاثه في الناس. واليوم إذا أنجز الرجل الباحث عملاً بارعاً كهذا، وكشف عن أسرار لها مثل هذه الخطورة، استحال عليه أن يعقد لسانه فلا يتحدث بها.

وظل يسخّر نفسه في العمل تسخيراً، ويذلها فيه تذليلاً، وهو في ذلك ساكت صامت، حتى ليكاد المرء يتهم هذا الطبيب الريفيّ الألماني العبقريّ بأنه لم يدرك مقدار الجمال والخطر الذي كان في تلك التجارب التي أجراها وحيداً في عزلته وانزوائه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>