[الإسكندرية]
بقلم حبيب عوض الفيومي
لا روضَةٌ كغِياضِ الرمْلِ مِئْنَافُ ... ولا كمصطافها في الأرض مُصْطاف
ولا كمنظرِها سَلْوَى لذي حَزَنٍ ... ولا كأُلاّفها في الحسنِ أُلاّف
أضحت على كل حُسن مؤنقٍ عَلَماً ... مذ كان للشيء أعلامٌ وأوصافُ
باكرتُها وطيورُ الدوح جاثِمةٌ ... ولؤلؤ الطلِّ فوقَ الزهر رَفَّاف
وللنجوم تلاشٍ في مِسارِبِها ... كأنها لسهامِ الشمسِ أهداف
والأُفْقُ مُلتهِبٌ في الشرقِ تَحْسَبُه ... تِبراً له من وراءِ الغَيم تَخْطاف
والريحُ عاطرةٌ بالنشرِ ساطعةٌ ... يُنْشِيكَ مُنْتَشَقٌ منها ومُستافُ
في فِتيةٍ أُنشئُوا إنشاء قَسْورَةٍ ... فليس فيهم لدى الإِقدام وقَّافُ
ذوي وجوهٍ وآراءٍ تُضيُء لهم ... إذا اُدْلَهمَّتْ من الأحداث أسداف
من كل منتخَبٍ في القول مُنْتَدَبٍ ... في الهولِ، فهْوَ أديبٌ وهْوَ سَيّافُ
في جنةٍ مثل ترْوِيضِ البِسَاطِ زَهَتْ ... منها غُصونٌ مُوَشَّاةٌ وأفواف
تَشابهت في التفافِ النَبْتِ واختلفت ... أفنانُها فَهْيَ ألوَانٌ وأَلفاف
فيها نخيلٌ وأعنابٌ وفاكهةٌ ... شتّى وأجناسُ رَيْحانٍ وأصناف
رَفَّ الذبابُ على نَوَّارِها فله ... في بَلْجَةِ الشمسِ تغريدٌ وَتهفْاف
وللأكمَّةِ من أزهارِها سُرُجٌ ... مضيئةٌ حولَها للنحل تَعْزَافُ
يَهفْوُ الفَرَاشُ عليها أبيضاً يِقِقاً ... كما أطارَ فُضَاضَ البِرْسِ مِنْدَاف
وللطيورِ على أغصانها زجَلٌ ... تُشجيك منه مزاميرٌ وأعزَافُ
تجمعت في سماءٍ فهي فاخِتَةٌ ... وَساقُ حُرٍّ وشُحْرورٍ وَخُطَّاف
تَعلو أَلاَئِفَ شتَّى ثم تُذْهِلُها ... نجوى الهوى فلها في الأرضِ إسفافُ
وأينما مِلْتَ فالإيقاعُ مُتَّصِلٌ ... تُلْقيه هَتّافةٌ تَشْحُو وهَتّافُ
حتى إذا ذرَّ قرنُ الشمسِ والتمعت ... على رؤوسِ الروابي منه أسياف
عُجنا إلى أيْكةٍ شجراَء سامِقَةٍ ... لها مع الحرِّ إظلالٌ وإيراف
تواشجت وسمت من كل ناحيةٍ ... فإنما هي أسياجٌ وأسجاف