للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زِينت بشتى تماثيلٍ تلوحُ على ... سِيمائها من سماءِ الفن ألطاف

تكلمتْ عن أمورٍ وَهْيَ جامدةٌ ... وصُوِّرت من صخورٍ وهي أطياف

مِن كلٍّ عاريةٍ رَيَّا وكاسيَةٍ ... إزارُها عن خفيِّ الحسنِ شفَّاف

وما لبِسْنَ وما عرَّينَ عن بَشَرٍ ... وإنما هُن إتحافٌ وإطراف

كأنها ونوافيرُ النميرِ لها ... من فوقِ أرُؤُسِها سَح وتَوْكاف

سِرْبٌ تجرّد من أثوابِه فلهُ ... في غفلةِ الناسِ تَلعابٌ وتَطواف

ما بينَ حاملةٍ جاماً وصادِحَةٍ ... غَنَّاَء في يدها للشَدْوِ مِعزاف

وبين رافعةٍ مِصباحَها بيَدٍ ... لها على الماءِ إِطلالٌ وإشراف

وبين حاسرةٍ ريعت فنازَعها ... لُبْسَ الخميصةِِ إيجاسٌ وتَخواف

وبينهنَّ كلابُ الصيدِ قد نَفرت ... وأطلقت أيدياً للوحشِ تَقتاف

وإذ تَلاقى بنا ذو صبوةٍ وَصدٍ ... إلى السُّلافِ ومِتلافٌ وَوَصَّاف

قلنا: المُدامَ. فجاؤونا بمُذْهَبَهٍ ... مذاقُها لِسَقيمِ القلبِ إخطاف

لم يبقَ منها وقد طالَ الزمانُ بها ... في الدَنِّ إلا شُفافاتٌ وأنزاف

سبيئةٌ سبقتْ نوحاً فكان لها ... تحتَ العرائشِ قبل الشَّرْبِ آلاف

يلوحُ منها قَوامٌ ثم تُدرِكُها ... لطافَةٌ فَتجَلّى وهي إِشفاف

ما اعتادها لونُها الجادِيُّ عن عُرِضٍ ... وإنما هو لونُ الشمسِ يَشتاف

كرَّ الربيعُ وضوءُ الشمس يُنضِجُها ... في كرْمِها بعد ما غَذَّتْه أرياف

ورَاقَ منظَرُها إذ رَقَّ جَوْهَرُهَا ... فالحسنُ منها عن الاحسانِ كشَّافُ

تَسْمو إِلى رأسِ حاسيها لِخفّتها ... إذ لا تلائِمُ ذاكَ الجِرْمَ أجوافُ

وتترُكُ المُحتَسِى نشوانَ لا نَزَقاً ... وإنما هو إحصافٌ وإرْهَافُ

يُهدَي لحانوتها المُعْتَسُّ في غَلَسٍ ... برِيحِها وَلَوَ أنَّ البُعْدَ أَفْيافُ

ويَسْتضيءُ بها في السيرِ ملتَمِسٌ ... ضَلَّ السُّرَى ولجنحِ اللّيلِ إغدافُ

نَشتفُّها ونناجيها ونرفعُها ... ونجتلي قبَساً منها ونَسَتافُ

ونملأُ الرُّوحَ وحياً من معارجها ... فانما هي إيحاءٌ وإلطاف

فآيةٌ لبخيلٍ ذَاقَها كرَمٌ ... وآيةٌ لِسَحِيِلِ العزمِ إحصاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>