تقوم دار الكتب المصرية الملكية الآنبطبع ديوان الأمير تميم ابن المعز لدين الله الفاطمي بأني القاهرة ومشيد الأزهر. وهذا الديوان كنز من كنوز الأدب الغالية استطعت أن أستخرجه أولاً من مكتبة الفاطميين المحفوظة في الهند لدى خلفائهم وورثتهم وهم أحفاد أولئك الذين حملوا تراثا وفيرا من العلم والأدب إلى هذه الأقطار بعد انهيار الدولة الفاطمية في مصر وتغلب الدولة الأيوبية على البقية الباقية منها. وقد عاش هذا التراث بين جبال اليمن عدة قرون، ثم رأى هؤلاء الحافظون لتركة الفاطميين أن يغتربوا بها في أرض لا يعرف أهلها العربية. وذلك لكي يبقى هذا الكنز بعيداً عن متناول الأيدي، كجهول القيمة والقدر حتى لا يفطن إليه أحد فيصيبه ما أصاب غيره من الكنوز التي تبددت بين تلاعب الأيدي وعبث الرواة وتحريف الناقلين. وقد دفعني شغفي بالبحث وحبي للاطلاع إلى أن أجوب معاهد الهند ومكاتبهم الموزعة بين طوائفها المختلفة. ولم يكن يعنيني من ذلك كله سوى محاولة العثور على وثائق تاريخية أو أدبية يفيد منها المعنيون بالدراسات الإسلامية. وكانت مملكة الفاطميين الصغيرة في الهند إحدى المناطق التي زرتها واختلفت إليها وأمكنني أن أستنسخ منها عدداً من المخطوطات الهامة والكتب العلمية الأثرية مما صنعه ملوك الفاطميين ووزراء الدعاية في دولتهم؛ فمن منثورها محاضرات المؤيد الشيرازي الثمانمائة التي ألقاها بالأزهر منذ ألف عام وهي نماذج رائعة في الأدب الكلامي وبلاغة النثر العربي والحوار المنطقي والفلسفي ومن منظومها ديوان هذا الأمير الذي يتكنى باسمه المعز لدين الله إذ يقال له أبو تميم وكان لهذا العاهل الفاطمي الأول في مصر ابنان أكبرهما تسنم دولة الشعر، وكان أصغرهما ولي عهد أبيه وهو العزيز بالله.
وقد أتيح لي أن أراجع ديوان تميم هذا على سبع نسخ مخطوطة أخرى. ثم كان لزاما على أن أقول بشرح وتعليق المصطلحات والألفاظ الغريبة وأن أضع للكتاب مقدمة تكشف النقاب عن تسلسل هذه الدولة الفاطمية إلى أن شكل حكومتها في القاهرة.
أما الديوان نفسه فهو قبل كل شيء صورة من الأدب المصري. فيه الخصائص المصرية بقدر ما فيه من الخصائص العربية فهو شاعر مصري صميم، وإن لم يكن مصري المولد