٣٩ - ويرجع الفضل إلى إحراز هذا النصر إلى عقيدة القضاء على الفرنج وإنهاء الجروب الصليبية إنهاء تاماً، تلك العقيدة التي تملكت عقول الجنود والقواد وملوك مصر منذ بدأ بيبرس حملاته والتي تتلخص في الاستيلاء على الحصون والقلاع وعدم ترك الفرصة حتى تسترد الولايات اللاتينية استعدادها مرة أخرى، وعليه أفرغ كتاب الفرنج جعبة شتائمهم على هؤلاء الأبطال، وكتب جبون يرثى الحروب الصليبية يقول:(ساد سكون محزن غريب مظلم على طول ذلك الشاطئ الذي ظل زماناً طويلا تترد فيه أصداء النزاع العالمي وتمر عليها كتائب المقاتلة)
٤٠ - أنشأ الصليبيون معاقل وأبراجاً في الحصون التي احتلوها تشهد لهم بطول الباع والأناة وللعرب والبيزنطيين، بل وللفرس وغيرهم آثار تشهد لهم أيضاً:
وهذا فن يهم أربابه، وقد أخرجت البعثة الفرنسية حجارة نحتها العرب وأخرى نحتها الفرنج من أسوار حصن الأكراد، وفي أسوار قلعة القاهرة من الحجارة ما نحته أسرى الفرنج، فقد كانت الطريقة المتبعة استعمال الأسرى في هذه الأعمال.
٤١ - وقد استعمل حصن الأكراد وغيره من الحصون في فترات الهدوء التي دامت بين هجومين عظيمين: استعمل كرأس حربه مدة احتلاله بالصليبيين لإدخال الرعب في قلوب المسلمين، ثم كملجأ يلجأ إليه المقاتلة والفرسان بعد عودتهم من حملة موفقة ليستجموا ويستعيدوا قوتهم ليعودوا مرة أخرى إلى الغزو.
٤٢ - وقد بقى حصن الأكراد ١٣٠ عاماً وهو رأس حربة كما قلنا يهددون بها حمص وما حولها، ويحولون دون المسلمين والاتصال بالجهات التي تحت حكمهم في بعلبك والبلاد الأخرى. المجاورة لها.