مجتمعنا اليوم في الشرق قلما يضع الفرد في موضعه المناسب في الحياة. ولذلك يلازم المرء شعور الوحشة مما يجده في نفسه من نقص ومما يجده في المجتمع من عدم إفساح الطريق له ليعوض بالبروز في ناحية منه شعوره بالنقص. وليس المجتمع في الغرب أحسن بكثير مما هو في الشرق؛ ولكن إدلر يرى أن المجتمع الراقي لا يتخلف عن إسداء كل فرد منه ما يستحقه بالنسبة لكفايته. وهذا يفسح المجال للمواهب. فإذا فحصنا عباقرة التاريخ وجدنا في كل واحد منهم نوعاً من النقص. فضعف البصر ضعف شائع في العظماء. وبعض العظماء والناس ضعفاً في معدهم وأمعائهم. وفي الأطفال والناس من يكون أيسر فلا يستطيع أن يستعمل يده اليمنى، ومنهم من يكون غبياً يتلعثم، ومنهم من يكون بالغ القصر الخ. . . كل هذه عوامل تولد الشعور بالنقص
فإذا أثر النقص في الإنسان تأثيراً شديداً تولد فيه (مركب النقص)، وظهرت لذلك بوادر كثيرة مختلفة. فبعض الناس تراهم في حركة دائمة، فإذا مشوا ضربوا الأرض بأرجلهم، وإذا تحدثوا رفعوا أصواتهم ليسمعهم الناس، ولهم أمزجة حادة وانفجارات عاطفية فجائية. ومن الناس من يتناقض في آرائه وأعماله، ومنهم من يتردد تردداً عظيماً، فلا يستطيع أن يحزم في أمر. كل ذلك من علائم المرء وقد أصيب بشعور بالنقص. ومما يدل على شعور النقص في إنسان، الوقوف المعتدل المتوتر الذي يدفع المرء فيه برأسه إلى الأعلى على شكل ملحوظ، أو طأطأة الرأس إلى الأرض أثناء المشي، أو الاعتماد المستمر على الطاولة أو الجدار أو العصا حين الوقوف. والطفل الذي يحب الاستناد إلى أمه أو يخاف من مواجهة الناس فيظل متهيباً منفرداً طفل يحس بالنقص. والرجل الذي يتجافى عن المجتمع ويتحاشاه إنما يفعل ذلك في الغالب لأنه يتملكه شعور بالنقص. والخوف صفة من هذا القبيل كذلك. وهنالك نوع من الجرأة لا يختلف عن الخوف، فالإنسان أحياناً يتملكه تهور