الاجتهاد هو الأصل الثالث للإسلام ولفظ اجتهاد مشتق من جهد ومعناه لغة: جد وتعب.
وقد كان للعقل واستعمال الفكر والتدبر شأن هام في أمور الفقه والدين كما اثبت القرآن أهميتها في كثير من الآيات الكريمة. والقرآن يرد الناس إلى العقل دائماً ويهيب بهم أن يستعملوه في تصريف أمور دينهم ودنياهم في مثل قوله تعالى (أفلا يتدبرون)(أفلا يعقلون)(الهم عقول يفقهون بها)(إن في ذلك لآيات لقوم يتدبرون) وهكذا لقد شبه القرآن هؤلاء الذين لا يستعملون عقولهم بالأنعام وقال عنهم إنهم صم بكم وعمي قال تعالى (ومثل الذين كدروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون) وقال تعالى (لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل ٧٠ - ١٧٩ وقال تعالى (إن شر الدواب عند الله الصم البكم العمي الذين لا يعقلون) ٨ - ٢٢ وقال تعالى:(أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) ٢٥ - ٤٤
وبينما لا يرضى القرآن عن هؤلاء الذين لا يستمعون عقولهم ويصفهم بالوصف الذي ذكر في الآيات السابقة، إذ يمتدح الذين يتفكرون ويتدبرون ويستملون جوهرة العقل الثمينة فيما وضعت له. قال تعالى (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار ٣ - ١٨٩ - ١٩٠
ويرشد القرآن إلى أن الله سبحانه وتعالى يلهم الإنسان أصول العلم والمعرفة وبكلفة باستعمال عقله لفهمها وتدبرها ويرشده كذلك إلى ضرورة الاجتهاد في الرأي للوصول إلى أي حكم من الأحكام. قال تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) ٤ - ٨٣ وكلمة (يستنبطون) مشتقة من نبط البئر يعني (حفرها ليخرج منه الماء) واستنباط القاضي معناه إظهار الشيء الخفي، وبعبارة أخرى (الاجتهاد في الأمر) ومثل ذلك استخراج القاضي ومعناه (الحكم بالقياس) وعلى ذلك فهذه الآية تشير إلى مبدأ الاستنباط الذي يجب الأخذ به