لن يحقق هذا الحلم مؤتمرات تعقد ومعاهدات تمضى أو نظم تعدل
وقوانين تفرض.
وان مؤتمرا يجتمع ويتلوه مؤتمرات أخرى لا تحل مشاكل العالم. وان سكنت ألم الإنسان إلى حين، والمعاهدات قصاصات ورق لا تغير شيئا ولا تدفع مضرة، ولا يخفف من البؤس الواقع حزب اشتراكي يتولى أو حزب محافظ يتحكم. فليس معنى ذلك إلا إن طبقة حلت محل أخرى. وأفراداً استبدل بهم أفراد. وليس معناه إلا أن يبقى النظام الحالي بضرائبه المرهقة وحواجزه الجمركية المشتطة وميزانيته العجيبة ينفق ثلاثة أرباعها على أعداد الجيوش وتجهيز الحروب.
إن الإصلاحات التي تفكر فيها الجماعات الحديثة من تحديد ساعات العمل أو تنظيم علاقات المالك والأجير على ما فيها من الفائدة لا تجتث الشر من أساسه. فكيف الطريق إذن؟
أثورة دموية لا تبقي ولا تذر؟ تراق فيها دماء الطبقة الحاكمة ويزهق فيها أرواح الأغنياء؟
ولكن تولستوي كان آخر من يدعو إلى العنف وآخر من يفكر في مقابلة الشر بالشر. إن التعاون لا يمكن أن يقوم على سفك الأرواح. والرخاء من المستحيل أن يعتمد على أسنة الحراب. وما كانت الإنسانية التي بشر بها تولستوي ليكون الطريق إليها مغطى بالدماء حافلاً بانين المجروحين وجثث القتلى.
لقد قامت الثورة الفرنسية باسم اشرف المبادئ الإنسانية وعلى أكتاف اشد الناس حماسة وإخلاصا. وحسب الناس إن نوراً جديداً قد اشرق يلوح بالسلام المنشود والهناء الدائم. ولكن الثورة الفرنسية لم تنجح كثيرا. ولم تفعل رغم الادعاءات العريضة التي بشرت بها إلا أن تحل طبقة محل طبقة أخرى وتستبدل اسما باسم وملكية بجمهورية.
وفشلها راجع إلى إنها قامت على العنف وإراقة الدماء. إن الشر لا يجب أن يقابل بالشر،