للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[هجرة الأسماك]

بقلم رضوان محمد رضوان

الهجرة ظاهرة غريبة تشاهد في المملكة الحيوانية على وجه العموم، وهي ترى بوضوح في الأسماك، وكذلك في الطيور.

وتهاجر الأسماك لغرض التناسل، فمنها ما يهاجر من النهر إلى المحيط للبحث عن مكان تبيض فيه، والمثل المعروف لهذا النوع من المهاجرة هو ثعبان السمك.

فمن المشاهدات العديدة، وجد أن ثعابين السمك لا تتكاثر أصلاً في الأنهار التي تعيش فيها كبقية الأسماك النهرية، إلا أنه بالرغم من ذلك توجد منها كميات كبيرة لا تقل في سنة عن أخرى، وكذلك توجد منها أفراد كبيرة وأخرى صغيرة؛ وشوهد في نفس الوقت أن الثعابين الصغيرة تصعد من المحيط إلى النهر. أما الكبيرة فترحل من النهر إلى المحيط.

وعلى ذلك اتجه الرأي إلى أن الثعابين ترحل من النهر إلى المحيط للتناسل، وفعلاً أثبتت المشاهدات أنه لا يتم نمو الثعابين - ويكون ذلك في سن الخامسة أو السادسة - حتى تتحين وقت الخريف، وتترك النهر في جماعات هائلة متجهة إلى مصبه، فإذا أمسى الليل، وكان البحر هائجاً، تنزل إليه وتعوم بنشاط عجيب، وتبتدئ بذلك رحلتها القريبة، فتمر من بوغاز جبل طارق إلى المحيط الأطلنطي، وتعبره إلى جزائر برمود شمالي بحر السرجاس والتي تبعد عن شواطئ الولايات المتحدة الأمريكية بنحو ألف كيلومتر.

وقد اصطيدت حيوانات مختلفة في مناطق متعددة أثناء هذه الرحلة الطويلة، فوجد أن الغدد التناسلية تكون أقرب إلى البلوغ والنضج كلما قربت الحيوانات من بحر السرجاس مما يدل على نموها طول فترة السياحة.

تقطع إذاً الثعابين آلاف الكيلومترات لكي تصل إلى جزائر البرمود بسرعة ٢٠ - ٣٠ كيلومتراً في اليوم، فإذا ما انتهت إلى مكانها المقصود، تبيض الأنثى كمية كبيرة من البيض تبلغ المليون، وقد تزيد على ذلك، ثم تفرغ الذكور الحيوانات المنوية في الماء، وبهذه الطريقة يتم إخصاب البيض.

وحين يفقس البيض وتخرج منه اليرقات، تبدأ سياحتها راجعة في نفس الطريق الذي سلكه أبواها من قبل، وتتغذى في طريقها بالحيوانات المائية الدقيقة

<<  <  ج:
ص:  >  >>