للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(طاعة) الشام!]

(مهداة إلى الأستاذ شفيق جبري)

للأستاذ علي حيدر الركابي

أستاذي الفاضل:

نشرت لكم مجلة (العالم العربي) كلمة بعنوان (طاعة الشام) في عددها الصادر في اليوم العاشر من شهر حزيران سنة ١٩٤٧ فقرأتها ووقفت أمامها حائراً بين الرد عليها والسكوت عنها. كان يدفعني إلى الرد أنكم عالجتم موضوعاً خطيراً ومثيراً، ووجهتم إلى بلدكم الذي هو بلدي تهماً لا يقبلها ذو كرامة. وكان يدفعني إلى السكوت أني نشأت على الإعجاب بكم واحترام علمكم والثقة بآرائكم وقلت في نفسي إن أستاذنا الكبير لا ينطق عن الهوى وإن له من سعة الاطلاع وكثرة التجارب وعمق التفكير ما لا يبقى معه مجال لاعتراض معترض. وأخيراً ترجح عندي التريث حتى تظهر نتائج الانتخابات العامة في سوريا وهي أكبر محك للشعب: فإذا رافق الانتخاب ضغط وتدخل وسكت عن ذلك أهل الشام سلمت بنظرية أستاذي الكبير ولزمت الصمت وكلي خجل من طاعة الشام، وإذا حال أهل الشام دون الضغط والتدخل وتقدموا إلى الانتخاب بحرية وميزوا بين الصالح والطالح كتبت الرد.

وظهرت النتائج الباهرة فإذا بي أتناول القلم لأكتب هذا الرد. ولا أخفي عنكم يا سيدي أنني في سري كنت أتوقع شيئاً مما حدث وأدعو الله أن يحققه. فإذا تجرأت الآن على مخاطبتكم على صفحات (الرسالة) فإنما أفعل ذلك بدافع من حبي للشام واعتزازي بأهله وشعوري بواجب الدفاع عنهم بالحق كما أني من جهة ثانية واثق من رحابة صدركم:

زعمتم يا سيدي أن في خلق أهل الشام (طراوة وتميعاً) جعلتهم يشتهرون بالوداعة وبالطاعة والمتابعة. واستشهدتم على ذلك بعبارات قالها بعض رجال التاريخ العربي ثم فتشتم عن سبب هذه (الطاعة) فوجدتم السر في (طبيعة بلاد الشام. . . هوائها ومائها وسمائها وأرضها) ولجأتم إلى (أميل لودويغ) لدعم رأيكم وخرجتم من ذلك كله بأن طعنتم رجولة الشام وأهلها وأشرتم إلى اغتيالات مصر وثورات العراق بما يفهم منه ضمناً أنكم آسفون إذ لم تحذو الشام حذو شقيقتها. وكان بودكم أن تطيلوا البحث لولا أن (المجال لا يتسع للتبسط في الكلام على طبائع أهل الشام) ولولا أن لطف الله و (اقتصرت من هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>