هما أحمد عرابي وإبراهام لنكولن، يجمع بينهما في مجال الزعامة أن كليهما كانت الحرية متصلة بطبعه، وأن كليهما اضطلع بقضية كبرى في قومه خلد بها اسمه، ويجمع بينهما في هذا المقال وفي مقال في العدد السالف من الرسالة (الرسالة) بنفس العنوان ما تفضل به من حديث عنهما، أو بالأحرى عن كتابيَّ فيهما، الناقد الكبير الأستاذ العقاد.
ولقد أثار ما كتب الأستاذ الجليل أعظم اهتمامي، فإني لأنزله من نفسي منزلة الأستاذ، تلك المنزله التي ينزله إياها بالحق جمهور القارئين في العالم العربي، وأحرص على الإفادة من كل ما يكتب في الأدب، فكيف إذا كان ما يكتب متصلا بكتابين أخرجتهما؟
على أن اهتمامي بما قال عن الزعيمين كان أعظم مما ذكره متفضلا عن الكتابين، وللأستاذ الكبير عظيم شكري على ما تفضل به عليَّ من ثناء أرجو أن أظل له عاملا.
وإن الحديث عن هذين الرجلين لفرصة يجب ألا تفوت، فقد أردت بكتابي عن أولهما الدفاع عنه لاعتقادي أنه ظلم، وأن ظلمه مما يشين هذا الجيل الذي أصاب حظاً غير قليل من الثقافة؛ وأردت بكتابي عن ثانيهما أن أجعل منه، وهو الشخصية العالمية المحبوبة، قدوة لشبابنا، ومثلا لسادتنا وكبرائنا. . . وإن الشباب والكهول في كل أمة متمدنة ليقرأون عشرات الكتب في سيرته ويجدون فيه للعصامية المثل الأعلى!
أما عن عرابي، فحسبي مما بلغت بدفاعي عنه أن أقول في غير زهو أو فخر: أنه ما من قارئ لكتابي حدثني عنه إلا آمن لي، ورأى في عرابي ما كان من قبل ينكره أو يأخذه في كثير من الشك والتردد، وهو أنه زعيم قومي مخلص لعقيدته فذ في وطنيته؛ وحسب عرابي أن يشهد له بالإخلاص والوطنية من زعماء الكتاب في جيلنا هذا أستاذنا الجليل صاحب (الرسالة)، الذي شرفني فجعل عملي في الدفاع عن عرابي عمل إميل زولا في الدفاع عن دريفوس، ثم أستاذنا الكبير العقاد الذي نفى عن عرابي في كلمته الأخيرة ما اتهمه به المفترون طلماً والجاهلون، والذي تفضل فقال عن كتابي:(إنه يعد في بابه قليل النظير).
ومما أطيب به نفساً أن أجد رأي الناس عن عرابي قد أخذ يتغير، فالصحف والمجلات