للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش ذكرى المعري]

(داعي الدعاة) مناظر المعري

للدكتور محمد كامل حسين

- ٣ -

استجاب إبن صالح المرداسي صاحب حلب دعوة المؤيد؛ فدخل المؤيد حلب ومعه خزائن الأموال والسلاح والخلع ومكث مدة يستريح ويدبر أمر ما هو مقدم عليه، ثم أخذ يرسل الكتب إلى أمراء العرب والأكراد يستميلهم إليه وإلى المذهب الفاطمي ويدعوهم للقيام لنصرته ضد طغرلبك؛ فأستجاب له بعضهم مثل ابن مروان صاحب ديار بكر وابن الأحزم الخفاجي صاحب الكوفة وابن قائد صاحب واسط ووعدوه جميعاً بإمداده بالجند كما أقاموا الدعوة في بلادهم باسم المستنصر الفاطمي، وقد حفظ لنا المؤيد في سيرته نص رسائله إلى أمراء العرب وجوابهم له مما يجعل (السيرة المؤيدية) وثيقة تاريخية لها قيمتها لمن يدرس العالم الإسلامي في القرن الخامس من الهجرة

سار المؤيد ومعه خزائنه وجيوش ابن صالح حتى بلغ الرحبة حيث البساسيري وجيوشه، وخرج البساسيري ومعه أمراؤه للقائه، وفي ذلك يقول المؤيد (إلى أن لقينا أبو الحارث البساسيري والعسكر البغدادي على رحلتين من الرحبة، وإذا هم قد ضربوا مصافهم وضرب خيلنا مصافه؛ فرأيت العسكر تلاحق ميمنة نحو الجبل وميسرة طرف الفرات، وسمعت الأبواق تخرق الحجب بالأصوات، ورأيت أقطار الهواء كأنها صبغت حمراء وصفراء من أصباغ الرايات، ودخلنا الرحبة دخولاً عليه من آثار السعادة وسم، وتجاوزناها إلى شاطئ الفرات فنصبنا الخيام ووسطت جمعاً جمع كل قاطع زقاق، وكل جلال من الناس ودقاق، تراموا إلى تلك البقعة من كل آفاق تركي وكردي وعجمي على اختلاف الجنس وعربي من كل طامع ذي ناب من الطمع حديد)

أخذ المؤيد بعد ذلك العهود والمواثيق على الأمراء، وخلع عليهم الخلع الفاطمية النفيسة التي لم يشاهدوا لها مثلاً، ووهب كل فريق نصيبه من الأموال؛ فكان بعضهم يأخذ نصيبه شاكراً، وبعضهم كان يستقل القدر ويرده طمعاً في المزيد، وتذمر أكثر الجنود وطالبوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>