لا ريب أنك ترتقبين البريد في لهفة كل يوم، على أمل أن يحمل إليك من أبيك خطاباً؛ بل إني لأكاد أتخيلك وأنت تشيعين الساعيَ بنظرة ملؤها الدهشة والألم معاً، في كل مرة يمضي فيها دون أن يترك لك هذا الخطاب المنشود. ولعل دهشتك ستكون أبلغ حينما تتلقِّين هذه الرسالة من (زوجة أبيك). وإني لا أستطيع أن أسمعك وأنت تقولين لصديقتك إيدنا:
- أبلغ من تأثير هذه المرأة عليه ألا يخاطبني إلا عن طريقها؟! على أني ألتمس إليك أن تبادري بتدارك هذا الوهم الذي تقعين فيه؛ فلم يسألني أبوك أن أكتب إليك، بل إنه ليجهل أني بعثت إليك بهذا الخطاب؛ ولعله لو عرف لغضب. وهو في الحقيقة لا يكاد يذكر اسمك أمامي، من يوم أن عدنا إلى المنزل فألفيناك قد هجرته غضبى. فكل ما أفعله إنما هو بإرادتي ومن محض تفكيري. . . وما أشك في غريزة حب الاستطلاع ستدفعك إلى قراءة كتابي حتى آخر كلمة فيه؛ فإن من غير المستساغ أن ترسل زوجة أب بخطاب مطول صريح اللهجة إلى ابنة زوجها الوحيدة، ولما تمض على نهاية رحلة الزواج أيام. . .!
ولكن. . . ماذا أنا قائلة لك؟ وكيف أوضح موقفي بحيث أستطيع - وحسبي هذا - ألا أزيد الأمور بيني وبينك تعقيداً؟
اعلمي أولاً أني لن أتوجه إليك بأدنى لائمة؛ بل إني لأقدر - بعطف بالغ - هذه الاحساسات التي دفعت بك إلى الرحيل، وأدرك أنك تنظرين إلى العلاقة بين زوجة أب وفتاة متحررة في التاسعة عشرة من عمرها، كأمر يصعب الاحتفاظ به؛ ولو كنت في موضعك لما وسعني إلا أن أتمرد مثلك، ولكن ليس بهذا الأسلوب الذي اصطنعت. . .!
واسمحي لي أن أذكرك - وملئ نفسي الأسى البالغ والأسف المرير - بأنك قد تصرفت تصرفاً انطوى على أبلغ القسوة وأشد الإهانة لي ولأبيك. وصدقيني حين أقول لك إني لا