علمت وأنا في مدينة الإسماعيلية بأن جماعة من رواد الجبال سبق لهم القيام برحلة إلى عين كبريتية في جبل من الجبال التي في جنوب مدينة السويس، وأنهم يعاودون التفكير في تكرار هذه الرحلة ويتهيئون لها، فهفت نفسي إلى الاشتراك معهم لهوى قديم بيني وبين تلك الجهات كان يدفعني منذ سنين إلى أن أقضي سحابة يوم الجمعة من كل أسبوع متقلباً بين ربوع جبال القاهرة وضواحيها.
وكانت تلك الجماعة تتألف من:
١ - أحد أعضاء مجلس النواب وشيخين من أقاربه.
٢ - ومن تاجر من كبار تجار الإسماعيلية
٣ - ومن تاجر آخر من عيون تجار القاهرة
٤ - ثم من رجل أجنبي من رجال الأعمال إيطالي الجنسية له مزارع واسعة في حدود مدينة الإسماعيلية.
فأما عضو النواب وقريباه فكانوا يشكون الروماتزم، وكان هذا هو الذي يحفزهم إلى ارتياد تلك العين، فأن لها على ما يقول الناس خواص سحرية في شفاء الأمراض.
وأما تاجر القاهرة فقد سمع بحديث تلك العين من النائب فأغراه ذلك على أن يجرب سحرها في أوصاله.
وأما تاجر الإسماعيلية فكان على ما فهمت رجلاً لا يحتاج إلى الاستشفاء لا بالحار ولا بالبارد، وكل همه في الحياة أن يجلس في آخر النهار في بعض المقاهي ونرجيلته بين ركبتيه يمصها فتقهقه له حتى تنقطع أنفاسها فيخليها لصاحبها ويعود إلى داره راضياً مرضياً، وكانت الأسباب كلها منقطعة بينه وبين تلك الرحلة لولا أن له سيارة جميلة أحب صاحبنا النائب أن يضمها إلى القافلة فدعاه للاشتراك فلبى الدعوة.
وأما التاجر الإيطالي فكان هو عماد الرحلة وبطلها لأنه كان قائدها الذي يدلها على الطريق في وسط الأودية المهجورة والجبال المتشابهة، يعاونه على ذلك دليل بدوي ممن يعملون في مزارعه، ولم يكن له من حافز ظاهر إلى الاشتراك في الرحلة غير ميله إلى الرياضة، أما