للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن أمثال هذه الرحلة قد تساعده على تنمية معلوماته عن الصحاري المصرية وطرقاتها فهذا حديث آخر لا محل للخوض فيه الآن، وللقارئ أن يستنتج لنفسه ما يشاء. . .

هؤلاء هم أشخاص الجماعة

أما النبع نفسه فقد سمعت أنه نبع حار يخرج من الصخر، ويصب في مياه البحر الأحمر. وأنه نبع (مكبرت) كالنبع الذي في حلوان والفرق بين الاثنين أن هذا بارد. أما (حمام فرعون) فهو يخرج من بطن الجبل شديد الحرارة حتى لتلقى السمكة في مائه الدافق فتنضج في دقائق معدودات. وعلمت أيضاً أن كهفاً يقوم إلى جانب النبع. إذا دخله الإنسان فإنه لا يطيق البقاء فيه أكثر من ربع ساعة لفرط حرارته وشدة ما يعاني الإنسان وهو بداخله من الوهج الذي يتفصد له الجسم عرقاً. وقيل لي إن من دخل هذا الكهف وهو يشكو (الرطوبة) فإنه لا يلبث أن يخرج منه كما ولدته أُمه صحة وعافية. أما العين فإنها وإن خرجت من ينبوعها حارة شديدة الحرارة ألا أنها تجري على شاطئ البحر مسافة طويلة قبل أن تصب فيه. وأنها في مجراها هذا تتفاوت حرارتها. فهي تبدأ حارة لا تطاق ثم تتناقص حرارتها كلما ابتعدت عن أصل النبع، حتى إذا جاءت ماء البحر وصلت وهي فاترة يطيقها كل إنسان. وقال لي من كان يحدثني عنها: وإذا كانت مياه حلوان قد بلغت ما بلغت من الشهرة العالمية وهي باردة يرفعون حرارتها بأنابيب البخار، فلك أن تصور لنفسك مبلغ ما تمتاز به هذه العين وهي تخرج من بطن الأرض حارة حرارة طبيعية لم تتدخل فيها يد الإنسان. وناهيك بحمام من مائها تعقبه خلوة قصيرة في ذلك الكهف الذي يليها. . . إن الإنسان ليدخلها ثم يخرج من الكهف بعدها كما يدخل المنديل القذر في يد (الغسالة) ثم يخرج جافاً ناصعاً من عند (الكواء)!

وكان لي صاحب من ضباط البوليس أرتاح إلى صحبته فعرضت عليه رغبتي في الاشتراك في تلك الرحلة فتولى عني مفاوضة الجماعة في أمر انضمامنا إليهم. وعاد يبشرني بأنهم يرحبون بنا على شرط أن نكون ضيوفهم في الحل والترحال؛ وتذللت بذلك آخر عقبة كنت أتوهم أنها تعترضني في سبيل تحقيق رغبتي لأني لم تكن لي سيارة خاصة. وليست أمثال هذه الرحلة مما يهون فيه الحصول على سيارة بالأجرة. وتحدد موعد القيام بعد يومين من إبرام هذا الاتفاق على أن نجعل قيامنا بعد الفجر بقليل في اليوم

<<  <  ج:
ص:  >  >>