يقول الأستاذ (عنان) إن كافة الرواة أجمعوا على أن الحاكم ذهب (ضحية المؤامرة والجريمة المدبرة) مع أن أنصار الحاكم ومؤيدي مذهبه يدعون أن الحاكم ارتفع إلى السماء امتحاناً للمؤمنين ولم يقتل أبداً؛ وعن قريب سيعود من البلاد الصينية ومعه الجيوش الجرارة فيفتح هذه البلاد جميعها ويعيد الحالة إلى ما كانت عليه؛ وسوف لا يبقى إلا الديانة الدرزية الحقة. لأنه بحكم الواقع تلغي جميع الأديان عند قدومه. وهؤلاء المؤمنون نزحوا من البلاد المصرية وقطنوا البلاد الشامية في الجبال الشرقية منها، وأسسوا مدناً وقرى اشتهر منها السويداء ومجدل شمي وبعقلين. وقد كانت لهم هذه الجبال معاقل تصد عنهم غارة الأمم الفاتحة حتى أصبح يخشى بأسهم وشدتهم، ولم يختلطوا مع الأقوام السورية، بل تجنبوهم حتى أنهم لبثوا ليومنا هذا محافظين على تقاليدهم وعاداتهم برغم تطور الزمان وانقلاب السلطان، وبقيت هذه الديانة سراً مدفوناً إلى حين نشوب الثورة السورية في عام سنة ١٩٢٦ فأذاعت من أسرارهم وديانتهم ما خفي طيلة هذه الأعوام الماضية. فالدروز ثاروا ودافعوا عن بلادهم وساهموا بقسط وافر من الوطنية، واضطروا بحكم الشدة أن يتركوا بلادهم تفعل بها نيران القنابل والمدافع فعلها، فلعبت الأيدي بكتبهم المقدسة وتراثهم المدفون وانتقلت هذه الكتب إلى أيدي الكثيرين
وقد أكد لي أحد رجال الدروز العقل أن كتابهم المقدس الذي يسيرون بموجبه ويتبعون أثره هو خلاصة عدة كتب مقدسة، أو بالأحرى خلاصة جميع الكتب الدينية ويزاد عليه بعض الحكم والنصائح. ويندر وجود هذا الكتاب عند كل درزي لأنه ينسخ ويخبأ عند رئيس الدين الأكبر لا يقرأ به إلا في الخلوة - أي الجامع. وكيفية قراءته أن الشيخ يجلس في صدر المكان ويلتف حوله السامعون بشكل حلقة مكتفي الأيدي، مطأطئي الرءوس والأبصار، خاشعي البصائر، يسمعون ما يقوله، ويفعلون ما يأمرهم به. ولا يدخل في هذه الخلوة إلا من استكملت به درجة الرجولة التامة، وبلغ مبلغ الرجال العقل، وهم بحسب ديانتهم ينقسمون إلى درجات ثلاث: