للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في ميدان الاجتهاد]

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

- ٣ -

أصول الاجتهاد

إن أول شيء يجب أن ينظر إليه في ذلك هو ما يقوم عليه الاجتهاد من الأصول التي يرجع إليها فيه، فإن هذه الأصول إذا تركت على حالها كان ما نرجوه من فتح باب الاجتهاد قليل الثمرة، ضئيل الفائدة، ولا يؤدي إلى ما نطمح إليه من التمهيد لتشريع فقهي يجتمع فيه المسلمون على اختلاف مذاهبهم، ويتضافرون على استنباط الأحكام التي لا أثر فيها لتعصب مذهبي، ولا لحقد سياسي؛ كما تأثر بذلك اجتهادهم في الأزمان الماضية، فعمل فيه كل فريق وحده، وأخذ في ذلك بالطريق الذي يوافق هواه ومذهبه، حتى تباعدت مذاهبنا الفقهية، وأصبح الجمع بينها عسيراً مع بقاء هذه الأصول على أشكالها الحاضرة، فالسني لا يعمل إلا بإجماع أهل السنة، ولا يثق إلا بالأحاديث التي رويت في صحيح البخاري وغيره من الكتب المعتمدة عنده، والشيعي لا يعمل إلا بإجماع أهل الشيعة، ولا يثق إلا بالأحاديث التي رواها أئمته، ولا يذعن لما روي في صحيح البخاري ونحوه، كما لا يذعن السني لما يذعن له، وهكذا غير السني والشيعي، حتى أصبح كل فريق لا ينظر فيما عند الفريق الآخر من الأحاديث والأحكام، وتقطعت بهذا بيننا الأسباب، وبقيت الأحقاد القديمة تعمل إلى الآن عملها فينا مع زوال أسبابها، وذهاب عواملها

وهذا إلى أن هذه المذاهب التي نعاديها قد يكون فيها أحكام أحسن من أحكامنا، فإذا نظرنا فيها استفدنا ذلك منها، مع ما نجنيه من جمع الكلمة، والتقريب بين فرق المسلمين في هذه الأيام العصيبة

والأصول التي يرجع في الاجتهاد إليها أربعة أصول:

(١) الكتاب، وهو القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم منجما من ليلة اليوم السابع عشر من شهر رمضان للسنة الحادية والأربعين من ميلاده إلى تاسع ذي الحجة يوم الحج الأكبر للسنة العاشرة من الهجرة، حيث أوحي إليه بآخر آية نزلت عليه (اليوم أكملت

<<  <  ج:
ص:  >  >>