يا شباب الوادي! خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من
سيرة هذا العصامي العظيم. . . . . .
- ٢٦ -
وتعجب ماكليلان وتعجب الناس معه من هذا المحامي الذي يدلي برأي في الخطط الحربية كأنه من أصحاب الحرب وممن لهم بفنونها خبرة؛ وما عرف عنه أنه شهد حرباً من قبل، اللهم خلا تلك المعركة الضئيلة التي اشترك فيها وهو في صدر شبابه متطوعاً ضد الصقر الأسود. . .
ولكن الذين يؤمنون بسر العبقرية لم يروا في الأمر عجباً؛ وكذلك كان الذين تربطهم بالرئيس صلة من كثب، والذين رأوا رجاحة عقله وسلامة منطقه وقوة لقانته. ومن ذا الذي يقول إن الكتب هي التي أوحت إلى نوابغ العالم في شتى مناحي الحياة ما أتوا به من المعجزات. . .؟ إنما يسير هؤلاء على نهج من فطرتهم وعلى هدى من نور عبقريتهم. . .
وهل التوت الأمور على ذلك الرجل في السياسة ولم تكن له بأسبابها من قبل صلة؟ أو لم يحمل الذين أشفقوا أول الأمر من رياسته على محبته ثم على الإعجاب به؟ وإذا كان هذا هو شأنه في السياسة ولم يتعلمها فلم لا يكون كذلك في أمور الحرب وهو قد استعان بالمعلمين الأخصائيين في تعرف مداخلها بادئ الرأي؟
أخذت الأزمة تشتد في الميادين، وذلك بتوالي الهزائم على أهل الشمال إذ كان هؤلاء ينقصهم القادة القادرون، ولولا أن كان لهم لنكولن في كرسي الرياسة يومئذ لحاق بهم الفناء؛ والذين يتتبعون أدوار الحرب يشهدون أن النصر في النهاية كان مرده إلى شخص الرئيس فلقد كان وحده جيشاً مغالباً، وكان وهو رجل الأمة وحده أمة في رجل. . .