للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الشباب]

للأستاذ عبد الرحمن شكري

مقدمة

مستقبل الإنسانية رهن بطموح الشباب إلى المثل العليا وعزوفه عن حقيرات الأمور وإبائه الضيم للناس ولنفسه، وبألا يقنع من الحياة بما يرى، وبأن يحاول أن يبلغ من جليلات أمورها البعيد الداني إلى قلبه ونفسه، وبأن يحاول أن يقهر طاغوت الأمور وجبروتها، وأن يستنقذ الدهر من عبث العابثين الذين جعلوا الحياة مهزلة رخيصة ومأساة وضيعة

الناظم

إن الشباب حديقة الأزمان ... عَطِر الروائح ناصع الألوان

مثل الربيع إذا جلوت بسحره ... نَوْرَ الرُّبَى وأطايب البستان

روحٌ من الفردوس يُثمِل نَشْرُه ... تغدو الحياة به رياض جِنَان

ما راعه حكم الحِمَام وصَوْلُه ... إن الشباب من الخلود لَدَاني

لا اليأس يضنيه ولا جزع إذا ... كثر العثار وزلت القدمان

ينسى الذي يمضي لينشد مقبلاً ... مستأنفاً للعيش بالنسيان

ولو أن رفضا للقضاء يذيقه ... كأْساً تذيب القلب من ذيفان

والشيب بالتسليم يكسر سمها ... حيث الشباب لِغِرَّة الأسوان

وهو المغامر في الحياة بنفسه ... نشوان لا من خمرة النشوان

نشوان من خمر الحياة وكأسها ... تغنيه عن نشوات بنت الحان

فكأنما فك الزمانُ قيودَه ... عنه وما للدهر من سلطان

ويصوغ من أحزانه نغماً له ... فكأنه خلْوٌ من الأحزان

يسمو إلى الغرض البعيد طموحه ... ويرد خطب الدهر بالإيمان

متحصن منه بأمنع معقل ... متكفِّل إيمانه بأمان

ويكاد من فرط الهناءة والهوى ... يدع الثرى ويهم بالطيران

والشيب يرسب في الحضيض تخلفاً ... وترى الشباب كذروة الأكوان

ما أرَّقته ذكرة من أشيب ... جم التردد خَطْوُهُ متداني

<<  <  ج:
ص:  >  >>