[مناجاة الهلال]
للأستاذ محمود غنيم
ماذا وراءكَ، مرحباً بك عاما؟ ... رحماكَ إن الكون في الدَّم عاما
لم أدر حين بدا هلالُك أحدباً ... أحملتَ غصناُ أم شهرتَ حساما؟
وجه البسيطة عابسُ متجِّهمُ ... فاجعل هلالك ثغره البسَّاما
جفِّف دم الدنيا وكفكفْ دمعها ... وانشر عليها رحمةً وسلاما
ما بال ظهرك يا هلال مقوَّسا ... أحملت أعباء السَنين جِساما؟
أصبحت في زِيِّ الكهول فهل تُرى ... قد شبتَ مثلهمو وكنت غلاما؟
ما بال وجهك شاحباً يا ابن الدجى ... أفنيتَ مثلي في الملاح غراما؟
أم بِتَّ تخشى الحربَ أن ترقى إلى ... أفق السماء فتلحقَ الأجراما؟
في الجو طير كاَلحمام محلِّقٌُ ... لكنه إن طار كان حِماما
فأحذر فإن الحرب منك قريبة ... والجوَّ يمطر يا هلال سهاما
وانصح خيالك في البحار وقل له: ... أوصيك ألا تقرَبَ الألغاما
العالم العُلويُّ سر غامضٌ ... فاكشف لأهل الأرض عنه لثاما
هل ثمَّ أغراض وثمَّ مطامعٌ ... تُجري الدماء به وتَبْري إلهاما؟
أهناك خَلْقُ مثلُنا يقضي كما ... نقضي الحياة تطاحناً وخصاما؟
زعموك مسكوناً، وليتك بلقعٌ ... إن كنت تأوي يا هلال أناما
زعموك مسكوناً كأمك ليتها ... كانت عشية أنجبتك عُقاما
قاد الممالكَ معشرٌ متسلِّطٌ ... هَدَمَ السكينةَ حائطاً ودِعاما
فتشتُ في عصر الضياء فلم أجد=إلا شعوباً تشبه الأنعاما
أمم تسبّح باسم أفرادٍ، كما ... كانت قديماً تعبد الأصناما
كم أمةٍ إن يهتدِ الفرد اهتدت ... وتهيم في الظلماتِ إن هو هاما
هذا زمان الفرد ليس ببارح ... هيهات ما دام السَّوادُ سَواما
قل للهلال إلام تسري في الدجى؟ ... يا إبن السبيل أما نويت مُقاما
ساقتك كفُّ ساقت الدنيا فهل ... تدري علام تسوقها وإلاما؟