حَّتام تُدلج في الظلام كعاشق ... يخشى الرقيب ويتقي اللواما؟
أتبيت في جنح الليل موكلاً ... بالكون تحرسه إذا هو ناما؟
هم شبهوك بِمنْجَل من فضة ... ماذا حصدت، أتحصد الأياما؟
يرد الأنامُ عليك أنت معمَّر ... وهمو يزورون الحياة لماما
يا رُبَ قوم ألهُوك فأومئوا ... لك بالتحية سجداً وقياما
أتت القرون عليك وهي عديدة ... وأراك طفلاً ما بلغت فطاما
يا ابن الدجى حدِّثْ أعرك مسامعي ... فلأنت أصدقُ من (حذام) كلاما
أشهدتَ مجد الشرق في ريعانه ... وسناه إذ كان الوجود ظلاما؟
أشهدت رسْل الله تذرع أرضَه ... تتلو الشرائع فيه والأحكاما؟
أشهدت عيسى والكليم كليهما ... يتلقيان الوحي والإِلهاما؟
أشهدت أحمد يوم هاجر أحمدٌ ... يطوي الضلال وينشر الإسلاما؟
إذ جاء يحمل في اليمين هداية ... للعالمين وفي الشمال حساما
فغزا بشرعته الضمائر قبلما ... يغزو بحدِّ حسامه الأجساما
كانت مبادئه القويمة فيلقاً ... يغزو به الأفكار والأفهاما
فإذا بتيجان الملوك وإن علت ... أقدارهم من حوله تترامى
صف لي زمان الراشدين وزهدَهُم ... والأرضَ إذ كانوا لها حكّاما
بالله كيف رعى الشعوبَ وساسها ... من كان يرعى الشَّاَء والأغناما؟
صف لي بربك قادة الإسلام إذ ... فتحوا العراق ببأسهم والشاما
قل لي بأية قوةٍ جبارة ... نزلوا بمصر وزلزلوا الأهراما؟
ما كان جند المسلمين أشد من ... أعداءهم بأساً ولا إقداما
لكنه الإيمان في ساح الوغى ... ربط القلوب وثبت الأقداما
شاهدت دولة (عبد شمس) فأنْعَها ... وأنعت (معاوية) لنا و (هشاما)
واذكر لنا بغداد كيف رايتها ... تحوي العلوم وتجمع الأعلاما
وأذكر لنا صَلَفَ الرشيد وكبرَه ... لما تحدى في السماء غماما
وأعد على أذنيَّ خطبة (طارق) ... (البحر خلفاً والعدوَّ أماما)