للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[النقد]

(محمد)

كتاب الأستاذ توفيق الحكيم

للأستاذ محمد سعيد العريان

أيكون لي أن أكتب عن توفيق الحكيم في كتابه (محمد) بعد إذ كتب الزيات والرافعي، أم يكون من فضول القول أن يعرض مثلي لذاك وقد كتب الأستاذان الجليلان فأبلغا وبلغا ما لا مطمح لي وراءه. . .؟ ولكن كتابا يصنفه (توفيق الحكيم) عن (محمد) جدير بأن يثير الفضول، وأن يعذر من يقول فيطيل القول. . .

وما لتوفيق الحكيم ولمحمد؟

أما المؤلف فشابٌّ من شباب هذا الجيل درس دراسة أهله في هذه المدارس المدنية التي نقول لمن يدخلها (أنت لست من هذه الأمة التي نسلت من العرب، واهتدت بهدى الإسلام، ونمت من روح الشرق وسر روحانيته؛ فاذهب فالتمس أمة غير أمتك تفخر بمجدها وتباهي بماضيها. . .!)

وأما (محمد) فهو ذلك السر الأعلى الذي يستغلق على من لم يتصل بروحانية هذا الشرق، ويغمض على من لم يتعرف سر هذا الدين، ويستخفي على من لم ينشأ موصول النسب بتاريخ الأدب القديم. . . وأين توفيق الحكيم من ذاك. . .؟

على أم هذا البون البعيد بين توفيق الحكيم وتاريخ (محمد) هو الذي دعاه إلى أن يمد نظره إلى بعيد يتنور هذا السر من مطالعه، ويستشرف لهذا النور من مشارقه! فحياة محمد كانت إلى قريب وقفا على طائفة من أهل العلم، لا يتناولها إلا من أوتي كثيراً من الصبر على المعاناة في استخراجها، وكثيرا من القدرة على تنقيتها من فضول القول وحشو الرواة ولغو القُصّص، وقل من يملك القدرة والصبر على مثل ذاك؛ ثم جاءت طائفة من كرام العلماء. فجهدوا جهدهم في جلاء هذا التاريخ والكشف عنه، فكتب المرحوم الخضري بك، وكتب جاد المولى بك، وكتب الدكتور هيكل، وكتب رضا، فبلغوا مبلغهم في ذاك، واستطاع الناس أن يقرءوا (السيرة) كما ينبغي أن تُقرأ، وأن يعرفوا من تاريخ الرسول ما لم يكن يعرف إلا

<<  <  ج:
ص:  >  >>