للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

إنه ضوء القمر

للكاتب الفرنسي جي دي موباسان

بقلم الأستاذ جمال الدين الحجازي

كانت مدام جولي روبير تنتظر أختها مدام هنرييت ليتور التي عادت من سويسرا منذ خمسة أسابيع، بعد أن سمحت لزوجها بالبقاء وحده في كالفادوس لإنجاز بعض الأعمال التي تطلب وجوده، واتت لتقضي بعض أيام مع أختها في باريس للترويح عن نفسها، وفي الصالون الهادئ، جلست مدام روبير تقرأ وهي شارة الذهن، ترفع عينيها بين وقت وأخر كلما سمعت صوتا. وأخيراً سمعت دقا على الباب، فظهرت أختها حالا وكانت تلبس معطف السفر، وفجأة وقبل التحية تعانقتا بشدة ثم بدا الحديث عن الصحة والعائلة وأشياء أخرى تجيدها النساء. . .

كان الوقت مساء. فأضاءت مدام روبير المصباح، ولما رأت وجه أختها رغبت في عناقها مرة ثانية، فاقتربت منها، ولشد ما كانت دهشتها عندما رأت ضفيرتي أختها الطويلتين قد ابيضتا، بينما كان القسم الآخر من شعرها اسود لامعا وظهر شعرها الأبيض كالفضة تحوطه هالة من السواد.

كانت مدام هنرييت شابة لم تتجاوز الرابعة والعشرين من عمرها، فما هو السر في ابيضاض شعرها! إنها لم تره هكذا إلا بعد عودة أختها من سويسرا.

نظرت مدام روبير إلى أختها بدهشة والدمع يترقرق في ما فيها لأنها اعتقدت بان حادثا مخيفا ألم بأختها فسألتها بابتسامة حزينة:

- ماذا حصل لك يا هنرييت؟

- لا شئ يا شقيقتي. . . أكنت تنظرين إلى شعري الأبيض؟

ولكن مدام روبير قبضت على ذراعيها بشدة وكررت عليها السؤال:

أخبريني ماذا حصل لك. . . أخبريني بالحقيقة وإياك والكذب: ومكثتا برهة تنظر إحداهما إلى الأخرى وقد امتقع وجه هنرييت وكان دمعتان تبللان وجنتيها فسألتها أختها بلطف:

<<  <  ج:
ص:  >  >>