أديت أمس حسابي في المطعم وتهيأت للخروج، فسمعت من ورائي لهجة غريبة. . . فتلفت فرأيت على مائدة قريبة مني عراقي بسدارة، ومعه شامي بعمامة مطرزة، ونادل المطعم قائم أمامهما، والعراقي يقول له:
- ماعون باجيلا على تمن، وصمونه.
- إيه؟! إيه؟!
فيقول الشامي: العمى! شو ما بتفهم عربي؟ بدّو ماعون ما بتعرف الماعون؟ يعني طبق غسيل، وصابونه
- النادل: ليه بأه؟
- الشامي: ليش؟! بركي بدو يتغسل!
(ويضحك من نكتته)
- النادل: يتغسل! بعيد الشر، عاوز تؤول يتشطف.
- الشامي (مغرقاً في الضحك): يشّطّف! يا عيب الشوم، شو ما بستحي انته؟
- العراقي: والله، ما دا أفتهم، حشي غريب هوايه، يابه، ما تحشي عربي؟!
- النادل: ما تحكي عربي، يا خويا؟!
- الشامي: لكان عم يحكي ارنأؤوطي؟! هذا عربي!
- النادل: أمّال بأوول ايه؟
- الشامي: بؤول بدو كوسة محشى ومهوايه، يعني مروحة.
ولم استطع أن أتقاعس أكثر من ذلك، وخفت أن يفضحني الضحك، فخرجت وأنا أسأل نفسي: ماذا يكون لو أقر مجمع اللغة (العربية. . .) اقتراح الأستاذ فريد أبو حديد بك، الذي يدرسه الآن أعضاءه؟ والذي يقول فيه (فلو كانت العامية لا تزيد على أنها استخدمت أداة للتعامل في الأسواق والحياة اليومية لكان أمرها هيناً، ولكنها منذ برهنت على إصلاحها للتعبير الأدبي صار من الممكن أن تنطلق في سبيلها متباعدة عن الفصحى حتى ينتهي بها الأمر إلى الاستغناء عنها، بل إن جمال أساليب التعبير العامي إذا بلغ مداه كان أجدر أن