للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في الكتب]

أبو علي عامل الأرتست

مجموعة اقاصيص مصرية

تأليف الأستاذ محمود تيمور

عرض ونقد وتحليل

لا يمكن لآي نقادة أن يتكلم عن أقاصيص تميور، أو أن يتعرض لدراستها دون ان يفكر في الصفات الأساسية التي تقوم عليها، أو التي أمكسبتها هذا الطابع الخاص، وهي: الباسطة والصدق والانسجام. وبودي أن أتحدث أولاً عن (طابع الصدق) فهي اظهر المميزات التي يتسم بها أدب تيمور، وهي تكاد تكون سجية طبيعية عنده.

يرجع طابع الصدق ففي أقاصيص محمود تيمور إلى أنه يعيش في عالم عواطفه فطرية، فهي تملي عليه هذه الصور البيسطة التي يرسمها بريشته الصغيرة من غير أن تحجب عنا ظلال الألوان: (فام زيان) هي المرأة التي تعمل أجيرة في البيوت وفي الغيطان، لا ترى على وجهها عبوسة اليأس ولا ثورة السخط، فهي راضية عن حياتها قانعة بالقرب من حفيدها الصغير (الغالي)، تنهك قواها نهاراً في الخبازة، وتسهر ليلاً أمام مصباحها تخيط له الجلابيب والطواقي، والصغير في حجرها، تهزه وتغني له أغنيات المستبقل بصوت كله نواح وشجون، معددة له صفاته حينما يصير رجلا، له شارب غزير مفتول كشوارب الحكام، وطربوش أحمر فاتح اللون كطربيش الامراء، وحذاء ذو صرير عال كأحذية الجنود. و (الشيخ جمعه)، هو الرجل العام الفيلسوف السعيد بايمانه، المنعم بخيلاته يروي لك في بساطة فطرية، قصة سيدنا سليمان وما جرى له مع النسر الهرم الذي عاش الف الف عام وحكاية السيد البودي الذي حارب الجيوش قبل ان يولد، وخرافة مدينة النحاس والسندباد وطير الرخ وغيرها. و (عم متولي)، وهو بائع الفول السوداني الذي ما يكاد ييؤوب من جولاته العديدة بين شوارع الحلمية وحارة نور الظلام، وتؤويه ليلا حجرته الضيقة القذرة حتى يخرج من صندوقه سيفاً دقديما، هو الأثر الباقي من ايام عزه الاولى، يضعه على ركبتيه ثم يسبح في تأملاته اللانهائية، حتى إذا ما مرت بخاطره ذكرى العهود

<<  <  ج:
ص:  >  >>