للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

الأمانة العلمية في الجامعة:

قرأت ما أثاره الزميل الصديق الدكتور جمال الدين الشيال في عدد الرسالة الغراء الصادر في ١٠ أكتوبر سنة ١٩٤٩ حول الأمانة العلمية في الجامعة، ولم أعجب لما جاء به الزميل، فقد عادت بي الذكريات إلى أيام تلمذتي بالجامعة، فتذكرت ذلك الأستاذ المعمم وقد جاءنا يرفل في جبته وقفطانه، حتى إذا عدنا من عطلة العيد وجدناه قد ارتدى زي المطربشين، وإن كانت ملامحه وسحنته تدل على أنه من الشيوخ المعممين. . . ذكرت ذلك الشيخ وهو يطلب منا أبحاثا علمية ليقرأها ويصححها ثم يعيدها إلينا، وكنا في ذلك الوقت حريصين أشد الحرص على أن نرضي الأساتذة بهذه الأبحاث العلمية، فكنا نسعى إلى المكتبات ونبحث في أمهات الكتب حتى نفوز برضى الأستاذ عن البحث الذي نقدمه له، ولكن ذلك الأستاذ - حفظه الله - بخل علينا بأبحاثنا ولم يشأ أن يردها إلينا، ولم نلبث أن رأينا هذه الأبحاث قد ضمت بعضها إلى بعض وقسمت إلى أبواب وفصول، وأصبحت كتابا يحمل اسم الأستاذ العزيز، وإن كنا نحمد للأستاذ أنه غير أسلوب هذه الأبحاث وجعلها بأسلوب واحد. أما الآراء، فقد بقيت كما هي آراؤنا والنصوص التي استندنا إليها في أبحاثنا بمراجعها لم يتغير شئ منها. . .

وذكرت أيضاً ذلك البحث الذي صدرت به مجلة إحدى الهيئات العلمية، وكيف قام أحد الطلاب يصيح في وجه أستاذه الذي نشر البحث باسمه قائلا: إني أعطيتك هذا البحث منذ شهر، فلم يسع الأستاذ إلا أن يعترف أمام الطلاب أنه استفاد من البحث الذي قدم له، ولكنه أصر الأمر في نفسه، وانتقم من الطالب في آخر العام فرسب الطالب المسكين!

وهذه زميلة تتقدم برسالة ماجستير وتعطي بحثها لأستاذها المشرف، ومكث البحث زهاء ستة أشهر عند الأستاذ، وأخيرا أخذته منه، فإذا به يفاجئنا بأن آراءها تتفق تمام الاتفاق مع آرائه، فلما سألته: أين نشرت آراؤه هذه؟ أجاب باسما: إن كتابي سيظهر هذا الأسبوع وفيه هذه الآراء! فأجابته ساخرة: الحمد لله أنك أطلعت على آرائي ولم أطلع على آرائك!

وذكرت ذلك الأستاذ الذي كان عضوا في لجنة امتحان إحدى رسائل الدكتوراه، فإنه بعد المناقشة احتفظ بنسخة الرسالة لنفسه، فإذا تقدم طالب آخر يعطف عليه أشد العطف، أعطاه

<<  <  ج:
ص:  >  >>