[في هدأة الليل]
قيثارتي. . .
(كأنما قلبي في خفقة ... فراشة أنت لها المشعل)
الكَونُ سّاجٍ، وَالدُّجَى مُسْبَلُ ... وَالبَدْرُ فِي هَالتِهِ يَرْفُلُ
والليْلُ كاليَمِّ بَعِيدُ المَدَى ... لا آخِرٌ يُرجَى وَلا أُوُّلُ
ونَسْمَةُ الأَمَوَاجِ خَفَّاقَةٌ. . ... حَيْرى فَلاَ قَصْدٌ وَلا مَوْئِلُ
رَخِيَّةُ الأَنْمُلِ في مَسِّها ... كأَنَّهَا فِي لِينهَا المَخْمَلُ
وَالنَجْمُ وَهْنَانُ السَنَا رَاجِفٌ ... وَالطَّيْرُ مَعقُودُ اللَّهَا مُجْفِلُ
فَسَلْسِلِي الأَنْغَامَ في هَيْنِةٍ ... كما سَرَى في الْجَدْوَلِ السلسَلُ
وَرَقْرِقِي الأَلْحَانَ نَثْمَلْ بِهَا ... فَمِنْ رَقِيقِ اللحْنِ مَا يُثْملُ
أَغْفَتْ لِحَاظُ الكَونِ مِنْ حَوْلنا ... وَغَابَ في أَغْصَانِهِ البُلْبُلُ
وَأَسْبَلَ الجَفْنَ بَنَانُ الكَرَى ... وَأََسْدَلَ السُّجْفَ الدُجَى المُسْدِلُ
وَعُدْتُ فِي الليْلِ وقيثَارَتي ... تُرَجِّعُ اللحْنَ وتَسْتَرْسْلُ
لَحنٌ كما الحُلْمُ رَفيف الرُؤَى ... يَحْفِلُ بالآمَالِ ما يَحْفلُ
قَدْ فاضَ في قَلْبيِ فأَحْيَا بِهِ ... مَا كادَ مِنْ نَضْرِ المِنى يَرْحَلُ
كأَنَما أَوْتَارُهَا جَدْوَلٌ ... يَنْهَلُ مِنْهُ الرّوْضُ مَا يَنْهَلُ
رُوحِي عَلَى ضَفاّتهِ نَبتةُ ... حَيَاتها فِي رَوضْهَا اَلْجدْوَلُ
كَمْ تُسْكِرُ النَّفْسَ أَراَنِينُهَا ... وَيَسْتَخِفُّ القَلْبَ مَا يُذْهلُ
كأَنَّمَا أَلْحَانُهَا نَسْمَةٌ. . ... تَرُحُ بَينَ الزهْرِ أَوْ تُقْبِلُ
وَالقَلْبُ في هَبَّاتِهَا زَهْرَةٌ ... تُرْسِلُهَا الأَنْسَامُ مَا تُرْسِلُ
يا أَيُّهَا القَلْبُ إلاَمَ الأَسَى ... والكَوْنُ صَافٍ حَوْلَنَا يَجْذَلُ
أَذْبَلتنِي مِنْ طُولِ ذَاكَ الضَّنَى ... وَالزهْرُ أنْ طَالَ المدَى يَذْبُلُ
فَدَعْ أَسَى الدُّنْيَا وَآلامَهَا ... واطْرَحْ مِنَ الأَشْجَانِ مَا يُثقْلُ
حُثَّ الْخُطَي وانْعَمْ بِصَفْوِ الصَّبَا ... فالْعُمْرُ يَحْبُو، والضَّبَا يأْفِلُ
مَا خَلْفَ العُمرِ إلاَّ الرَّدَى ... نِهَايَةُ السُّنْبُلةِ المِنْجَلُ