لم نحمل على الفرقة القومية التي كان يرأسها الأستاذ الجليل خليل مطران بك كرهاً لها، أو تقليلاً من قدر رئيسها الفاضل، لأنه يستوي عند الأديب الغيور على فن المسرح أن تكون الإدارة بيد بكر أو خالد من الناس، إنما حاربناها لتصدر مديرها إلى تحمل أعباء مسؤولية فنية أثقلت عاتقه وسهلت لذوي أغراض خسيسة إرضاء مطامعهم وشهواتهم على حساب فن المسرح. وأزعم أن لو استجاب الأستاذ مطران دعوات الداعين إلى إيجاد مدير فني يقظ الذهن يدرك غرض الحكومة من إنشاء الفرقة، ويحرص على فن المسرح تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً، لما حدث الانقلاب الذي نتج عنه تبديل في الاسم واستبقاء للغرض والوضع
فرحنا أيما فرح عند تأليف الفرقة المصرية للتمثيل، وقد أسند مديرها الجديد إدارتها الفنية إلى الأستاذ زكي طليمات الفنان المتخصص، واغتبطنا أيما اغتباط عندما تألفت لجنة القراءة من رجال بعيدين البعد كله عن تزمت شيوخ لجنة القراءة السابقة وعنعناتهم، تحدوهم غيرة على الفن وحب للأدب لا دخل فيه ولا تصنع. ووقفنا بعيداً ننتظر قطف ثمار هذا الانقلاب
كأني بالأستاذ زكي طليمات ساير الزمن في انقلاب أوضاعه وماشى حكاماً استهانوا بكل شيء وأقاموا من شهواتهم قوانين للطغيان والظلم والكسب، فجنح هو أيضاً عن دستور الفرقة وقوانينها، وهبط إلى مستوى الفرق الأهلية التي تراعي الربح المادي ولا تلتفت إلى الفوائد المادية المعدودة بالمليم والقرش، فصرنا نشاهد على مسرح الأوبرا الملكية تمثيل رواية (شهرزاد) و (سلك مقطوع) و (يوم القيامة) و (كلنا كده). . . وما شاكل هذه التلفيقات البهلوانية والتهريج الرخيص
بودي لو تسمح لي أعمالي الخاصة بالوقوف عند كل رواية من هذه الروايات التي لا تشرف أحط الفرق الجوالة لو مثلتها في ساحة عامة على مشهد من السوقة والدهماء، وإني لأعجب والله كيف يباح لفرقة حكومية تعيش من أموال الدولة أن تقول عن أبناء الأمة انهم كلهم ديوث وقواد وعكروت (وكلنا كده)؟!