أفهم أن يعمد مؤلف إلى إبراز أشنع الصور الأخلاقية والاجتماعية، ويمعن في التهويل وفي تزييف هذه الصور إلى حد يجعلها بغيضة مكروهة من كل النفوس، حتى نفوس الشرار والمستهزئين، أما الذي لا يمكن فهمه ولا تسوِّغه سوى عقلية المدير الفني للفرقة الحكومية أن يقال للأمة (كلنا كده)!
ناهيك بالانحراف عن الكلام الفصيح، والتزام اللهجة العامية وتعابيرها النابية، والتنكيت البارد، والحركات السمجة، والزار، وضرب الطار، وهز البطن والأرداف، (والتشلبق البلدي) في رواية (يوم القيامة)، وقد كان ضحيتها ممثل بارع افتديه (بمعهد فن التمثيل) هو الممثل المقتدر عباس فارس، وقد اختاره زكي طليمات المدير الفني لأن يكون ذبيحة تلك الرواية ومهرجاً فيها. . . فيا لخيبة الفن!
وهكذا فعل أيضاً، فقد سخر أحمد علام وحسين رياض لأن يكونا مهرجين في رواية (سلك مقطوع)، ولم يسخرهما اعتباطاً، بل لغرض كامن في قرارة نفسه. ولم يخترهما لرواية (يوليوس قيصر)، بل تحايل بالمرض على تقديم فساكل من الممثلين المبتدئين ليمثلوا دوريهما، فكانوا على المسرح كالغراب صوتاً ومشية. . .
لا تخلو تصرفات المدير الفني في توزيع أدوار الرواية من الغرض، هذا إذا لم أقل مع الممثلين إنه يتعمده تعمداً، فقد شاهدت تمثيل رواية (الوطن)
وقد كانت بطلة تلك الرواية ممثلة لا أعرف اسمها، ولكني أذكر قصر قامتها، وشلل أوتار وجهها الذي لا يعبر عن شيء، وثقل حركتها، وعجز حنجرتها عن تلوين صوتها لعلة في مخارجه!
ألمثل هذه الممثلة الباردة يسند رواية عنيفة، متعددة المواقف، متنوعة التلوين والانفعالات؟؟
لا ألوم تلك الممثلة المسكينة، وأعتذر إليها من وصفي موقفها ذاك، إنما ألوم الذي أثقل كاهلها بحمل لا تطيقه طبيعتها بزعم خاطئ وتقدير معكوس في إنه يرفعها إلى مصاف كبار الممثلات، وإذا به يدفعها إلى الهاوية التي لا تستأهلها
لا يعني كلامي أن هذه الممثلة لا تتقن فن التمثيل، فقد تصلح ولا ريب لأدوار أخرى، إنما أعني أن المدير الفني أساء الاختيار كعادته في التحكم بالممثلين والتسيطر على الممثلات