عنيت طائفة من علماء الغرب ومحبي البحث بآثار المشارقة وعلومهم وفنونهم، فكان منهم الباحث في اللغة العربية خاصة، واللغات الشرقية عامة: يبحث في أصولها ومشتقاتها وتطور ألفاظها وكلماتها، ومنهم المطلع على آدابها والمعنى بطبع أهم الكتب العربية والأدبية ونشرها بعد تصحيحها وضبطها وتعليق الحواشي بما يعين على الفهم ويفتح المستغلق.
ومنهم من تعدى ذلك، فبحث في العلوم الشرعية من علوم القرآن والتفسير والحديث. ومنهم من نظر في الفقه الإسلامي، فاطلع على دقائقه وغاص في بحره، وعلم أن فيه ثروة واسعة وكنوزا نفيسة، فنوه بشنه وشاد بذكره، ولفت أعلام القانون في وطنه إلى هذه الثروة القانونية فأعجبوا بها، وأقروا بقوتها ومبلغ أثرها في الحضارة والإصلاح.
وإلى هؤلاء، تجد عنقاً من أقطاب القانون في مصر وغيرها من الأقطار الشرقية - قد عرفوا إثراءها وخصبها والحياة القوية الكامنة فيها، فدعوا إلى النهل منها واتخاذها أساساً يرجع إليه في التشريع في مصر وغيرها من البلاد لعربية والشرقية.
وإنا لذاكرون هنا آراء بعض أئمة العلم والقانون - في الشريعة الإسلامية من أولئك المنصفين من غربيين وشرقيين لتعرف أن الحق لا يعدم نصيراً، وإنه يجب اتخاذ تلك الشريعة أساسا ومصدراً لتشريعنا في هذا العصر:
١ - يرى الأستاذ لامبير الفرنسي: أن الكتب والمؤلفات الموضوعة في الشريعة الإسلامية كنز لا يفنى، ومنبع لا ينضب، وإنه خير ما يلجأ إليه المصريون في العصر الحاضر في البحوث العلمية حتى يعيدوا لمصر ولبلاد العرب هذا المجد العلمي الذي أخذ الزمن يطويه بحكم الإهمال وعدم العناية به.
وكان يظن أن للقانون الروماني أثرا كبيراً في الشريعة الإسلامية ولكن استبان له بعد أن عمق النظر فيها، وأوغل في دراستها، واتصل بعلمائها أنها شريعة مستقلة بذاتها.
٢ - وقال (ليفي أولمان) الأستاذ بكلية الحقوق بباريس في رسالة الدكتور محمد صادق فهمي التي ألفها في الإثبات باللغة الفرنسية، وعرض فيها لما قرره علماء الشريعة