للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش العيد الألفي]

لأبي العلاء

بقلم صديقه الأستاذ كامل كيلاني

(وهي صفحة من مقدمته التحليلية لرسالة الهناء، إحدى رسائل

المعري المخطوطة. وستظهر للناس مشروحة مضبوطة بقلم

الأستاذ عما قليل)

القدرة الإلهية

يرى أستاذنا الجليل (أبو العلاء) - فيما يراه - أن قدرة الله، سبحانه، لا يعجزها شئ؛ فاليبيسُ مستعيدٌ - بمشيئته - بعد اصفراره، شبابه وخضرته، مسترد - بعد مواته - حياته ونضرته

والنيران الملتهبة متفجر لهيبها - بأمره - مياهاً سائلة، والطبيعة الإنسانية متحولة - بإذنه - من الغدر إلى الوفاء. والأغنام متغيرة طبائعها - بحكمه - مستبدلة بضعفها قوة، وباستخذائها إقداماً وعزيمة، متخيرة من عرين السباع سكناً تأوي إليه وتقر فيه

وهكذا يسترسل أبو العلاء في خياله البارع، وأسلوبه الساخر الفياض بالدعابة القاسية والتهكم اللاذع، والسخط المرير، فيثبت لنا بما ألفناه من طرائق إثباته المبدعة أن الطبيعة الإنسانية لا سبيل إلى استقامتها واستوائها، إلا إذا تغيرت طبائع الأشياء كلها، وانقلبت حقائق الكون الثابتة، فدبت الحياة في الهشيم، وتحولت النار ماء، والأغنام المستضعفة سباعاً ضارية

وإلى القارئ النص العلائي الذي فصلناه:

(إذا أذن ربنا أخضر الدرين (اليبيس)

وتبجست - بالماء الإرين (النيران)

ووفي لقرينه، القرين، وراحت الساجسية (وهي ضرب من الغنم) ومأواها العرين. . .

وذلك - من القدرة - ليس ببديع!)

<<  <  ج:
ص:  >  >>