يطلق اسم عنيبة الآن على غير مسماة لأنه يطلق على المكان الجديد الذي أنشأته الحكومة المصرية بعد التعلية الثانية لسد أسوان، والذي يضم المدرسة الابتدائية وثانويتها، والمركز بما فيه مكاتب الصحة والتموين، والمحمة الشرعية والوطنية، والبريد، والتلغراف والتليفون والمستشفى، واستراحة الري. الخ هذه المرافق العامة التي لا بد من وجودها في كل مركز كبير، يكاد يكون صورة مصغرة من مدينة كبيرة. . .
والواقع أن المكان الذي يشمل كل أولئك ليس هو عنيبة، بل (مستعمرة عنيبة) ولعل البعيدين عن المحيط الذي نعيش فيه، يهزون أكتافهم، ويزمون شفاههم، في دهشة وعجب، غير شاعرين بكبير فرق بين التسميتين، ولكنهم لو كانوا بيننا حيث نحيا ونعيش لأدركوا سر هذه التفرقة وقيمتها في نظر النوبيين، إذ أن عنيبة، عبارة عن بلدة تمتد على شاطئ النيل حوالي ثمانية أميال تقريبا، مكونة من نحوع تكاد تكون متصلة متلاصقة، وبيوت كل نجع عبارة عن أكواخ صغيرة، مبنية من اللبن أو الحجارة أحيانا، ولكنها تحمل آثار الفقر والفاقة. وبين المستعمرة الحكومية التي تضم الموظفين - دواوينهم ومنازلهم - وين أقربي نجع من نجوع عنيبة الأصلية مثلان على الأقل!!
فإذا تحدثنا عن عنيبة فلا نعني البلدة الأصلية الزيفية. . التي لا يكاد يقطن بها موظف واحد، وإنما نعني مستعمرة عنيبة التي قامت مقام الدر، المركز السابق، والتي تضم موظفي المركز بأسره، اللهم إلا رجال البريد، والتعليم الأولى والإلزامي فهؤلاء متفرقون في مختلف بلادالنوبة على شاطئ النيل، وكذا موظفو المدرستين الجديدتين الابتدائية في الدكة، وقورته. . .
وإن شئت فقل إن هذه المستعمرة الجميلة التي تفيض حركة ونشاطا، والتي تعتبر عروس بلاد النوبة على الإطلاق، كانت تدعى فيا قبل:(مقابر عنيبة)!!
إي والله، لقد كانت موضع القبور، ومكان القظة لمن أرادها، فأصبحت الآن مدينة صغيرة، آهلة بالسكان، تضم عشرات الموظفين المثقفين في أرقى الجامعات المصرية والأجنبية،