[في أوطانهم غرباء]
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
إنما في بلادنا الشعراء ... فئةٌ في أوطانهم غرباء
لا رخاءٌ ولا أمانٌ ولا ما ... لٌ ولا عزّة ولا سرّاء
ألمن يكذبون ذاك التملى؟ ... ولمن يصدقون هذا الشقاء؟
ما جروحٌ تدمى الجلود بها مث ... لُ جروح تدمى بها الأحشاء
ما شكوا أعباء الحياة وأن كا ... نت ثقالاً عليهم الأعباء
وإذا دافعوا عن الحق جهزا ... فهناك الولايات والأرزاء
لم أجد للجمهور عطفاً عليهم ... وكأن الجمهور منهم براء
إنهم لا يرون من قومهم بر ... اً ولا تقديراً وهم أحياء
وإذا مالقوا الردى فعليهم ... يكثر الحزن منهم والبكاء
تلك أخلاقهم وقد ورثتها ... سنناً من آبائها الأبناء
ليس هذا في يومنا وحده جا ... رٍ على الأيام طراً سواء
إنما دنيانا لقوم جحيم ... ولأقوامٍ جنة غناء
ولقد أخر الألي قرضوا الشع ... ر نفوسٌ لهم بها كبرياء
واجتناب الرياء منهم بعصر ... شاع من أجل العيش فيه الرياء
شعراء العراق كل سنيهم ... سنة فيها تخلف الأنواء
أنني أطلب العزاء لنفسي ... في أساها، وأين مني العزاء؟
لهف نفسي على القرين فقد هب ... ت عليه تشله النكباء
عبثت في الربيع بالروض حتى ... ملأته من زهره الأشلاء
وإذا الورد في الربيع تولى ... فعلى ذلك الربيع العفاء
جفت الدوحة التي كل صبح ... فوقها كانت تهتف الورقاء
وعلى الزهر قد تصوح عندي ... زفرة تصطلي بهاء الأحشاء
بسمت في ربيعها لذكاء ... كلما أشرقت عليها ذكاء
أيها البلبل الذي يتغنى ... لا يسمك الهوان هذا الغناء