للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

صور من هوميروس

١٥ - حُروب طَرْوَادَة

صلح. . .

للأستاذ دريني خشبة

أشرقت الشمس أو كادت، وبدت ذيتيس تتهاوى في الأفق الغربي فوق الشبح، وهرعت عرائس الماء وعذارى البحر تحييها وتنشد لها الحان الفجر، ظلّها الندى. . .

وكانت تتأوّد تحت حملها الثقيل، فما إن بلغت سفينة أخيل حتى ألقت بالدرع المسرودة، وحتى هب ولدها يحييها بعين شَكْري، ومهجة حَري، وقلبٍ مُوجع حزين.

ما يزال جالساً أمام جثة بتروكلوس يبكيها، ويكلم فيها الإخاء والوفاء، ويناجي في لفائفها الود والولاء، وكان ما يزداد إلا لوعة، وكان ما يزداد إلا أنيناً!

وحنت عليه أمه تواسيه؛ ثم لفتته إلى الدرع والخوْذة، فحدجهما بنظرة قاتمة، وشكر لها هدية فلكان، ثم أوصاها بالجثة خير ما يوصى به الصديق. . . (ذودي الذباب فلا يمسها يا أماه، وارفعي عنها أذى أسرابه، واسقيها من المعتقة الصفراء، حتى تأذن الآهة فأعود إلي بتروكلوس بثأره. . . . . .)

وانطلق في غبشة الصبح يطوف بمعسكر الهيلانيين، داعياً إلى مجلس حربي.

وكان يهتف بالجند النائم هُتافاً عالياً، فينتفض المقاتلون وقد خفقت قلوبهم، واهتزت جوانحهم، وفاضت عبراتهم من الفرح للقاء أخيل!

وكان أجمل ذلك جميعاً أن ينهض اوليسيز متهالكا إلى نفسه، وديوميد مترنحاً في عطفه، ونسطور مرتجفاً كأنه في يوم حشر،. . . و. . . اجممنون، كان الحياء والحجل يصبغانه بحمرة الجحيم!!. . . . . . .

لقد كانت جروح القادة انطق برهان على ما جرّت تلك الخصومة الوضيعة بين اجاممنون وأخيل من هزيمة للجيش، وضياع للجهود، وعبث بآمال أمة ترقب أبناءها من وراء البحار! وانتظم عقد القادة، ووقف أخيل يتكلم، فأرهفت الآذان، وصغت القلوب، وتحركت

<<  <  ج:
ص:  >  >>