من كان يتصور أن دعوتي إلى الصفاء بين الأدباء تثير خصومات أو ذكريات عن خصومات! فلقد كتب الأستاذ (عباس محمود العقاد) في العدد الماضي من (الرسالة) قصة طريفة أهداها إليَّ. هي الآتية:
(قيل أن الدكتور طه حسين خرج من وظيفته بالجامعة المصرية قبل سنوات. وقيل أنه أثنى على الأستاذ توفيق الحكيم في بعض ما كتب وهو على جفوة مع رؤساء تلك الأيام. وقيل أن الأستاذ توفيق أشفق من مغبة تلك الجفوة فكتب يقول أنه لا يريد مدحاً من أحد. . . وأدرك شهرزاد الصباح أو المساء على قصة أخرى تمثل اليوم مع العقاد لأن خصومته قد تشبه خصومة الدكتور طه حسين قبل سنوات. . .)
والتعليق على هذه القصة الطريفة لا يحتاج إلى عناء. لأن الأساس الذي بنيت عليه وهو شبهة الخصومة بيني وبين العقاد قد أنهار في اليوم ذاته الذي ظهر فيه مقاله. فقد طلع لحسن الحظ عدد مجلة الثقافة في مساء ذلك النهار وفيه تحية مني للعقاد وثناء على كتابه (عبقرية محمد) بما هو أهله.
يضاف إلى ما تقدم أن (ما يدريه العارفون وأوشك أن يدريه غير العارفين) هو أن موقفي اليوم يشبه في كثير من الوجوه موقف العقاد. وأن من بين المجلات والصحف والأقلام ما يعلن تجريحي وخصومتي بمختلف الأسباب لعين الأغراض. بقى بعد ذلك عنصر واحد من عناصر القصة سكت طويلاً عن تجليته ظناً مني أنه لن يؤخذ على سبيل الجد. أما وقد أخذه الأستاذ العقاد على أنه حقيقة، فمن الواجب إذا أن أوضح ولو كان في الإيضاح إساءة للدكتور طه. فإن هذا الوقت هو أحب الأوقات عندي لإساءته لا لإرضائه.
أن حقيقة الخصومة بيني وبين طه حسين في تلك الأيام من عام ١٩٣٤ كانت خصومة أدبية صرف، ولكن الدكتور طه أراد أن يقحم فيها عنصر السياسة ليظهرني في صورة (يهوذا) ويظهر نفسه في صورة (المسيح). فأخترع تلك القصة اختراعاً ولكن الحقيقة ما لبثت أن ظهرت في اليوم التالي واضحة مبينة.
إلى هنا ينتهي التعليق على هذه القصة. ولكن هنالك قصة أخرى للأستاذ العقاد مهداة إليّ