للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[١ - رحلة إلى ديار الروم]

للسيد مصطفى البكري الصديقي

للأستاذ سامح الخالدي

كانت رحلة الشيخ البكري هذه إلى بلاد الروم هي الثانية فقد رحل قبلاً إلى الآستانة سنة (١١٣٥ هـ) وأسماها (تفريق الهموم وتفريق الغموم في الرحلة إلى بلاد الروم) ولكننا لم نعثر على هذه الرحلة ضمن مجموعة رحلات الشيخ المخطوطة والمحفوظة في خزانة الكتب الخالدية، والتي علق عليها الشيخ البكري نفسه، الحواشي عليها

وفي رأينا أن هذه الرحلة من ألطف وأشيق رحلات البكري، فقد قطع فيها الشيخ مسافات شاسعة براً وبحراً، إذ توجه إلى الآستانة عن طريق طوروس وقونية، وعاد في مركب إلى الإسكندرية ماراً بسواحل الأناضول وجزيرة رودس

ويلاحظ أن الشيخ البكري لم يكن يترك الفرصة تمر لنشر طريقته الخلوتية، حيث كان، ولهذا لم يكن يحجم عن إدخال جمهور المريدين في طريقته سواء في المدن أو القرى، وسواء أكان مقيماً أم مسافراً، بل ما قولك أنه لم يتردد في إدخال المريدين إلى طريقته وهو في المركب في ميناء الآستانة؟

ولقد كان الشيخ البكري، ذا نفوذ عظيم، وقد كثرت أشياعه وأتباعه، فقد كان له أتباع في أكثر القرى والمدن الفلسطينية، كما كان له مريدون في طرابلس الشام، وحمص، وحماه وحلب، وبغداد والبصرة، ومصر، والإسكندرية، ودمياط ورشيد

ولم يوفق الشيخ في دعوته في أواسط الأناضول فقد حاول أن يستميل إليه البعض في مدينة (أركله) الأناضولية التركية ولكنه لم ينجح، ذلك لأنهم كانوا أتباع الطريقة (الزادلية) وهي طائفة تنتسب إلى قاضي زاده أجل علماء الروم ممن كانوا يقولون بهدم قبور الأولياء ومقاومة التصوف، وقد جرب الشيخ إقناعهم ففشل وبئس منهم وقال أنه ليس ثمة من فائدة لمباحثة أمثال أولئك

ولقد كان الشيخ حريصاً على أن يسير في موكب حافل حيث ذهب وحيث حل، ولذا نراه في هذه الرحلة بدلاً من أن يسلك الطريق السلطاني من القدس إلى الشام عن طريق نابلس، فجنين، فخان التجار فجسر بنات يعقوب فالقنيطرة فدمشق، يسلك طريقاً في داخلية البلاد،

<<  <  ج:
ص:  >  >>