فينضم إليه الحاد حسن بن مقلد لجيوسي شيخ بني صعب والشيخ أحمد الباقاني والحاج سلامة الداميني، والحاج حسن الجماعيلي والحاج محمد الكفرعيني من شيوخ جبلي نابلس والقدس
ويصف الشيخ لنا الطريق، ويعجب من عمران منطقة النصيرية وكثرة زيتونها، وخراب سور إنطاكية، ويذكر وعورة الطريق من إنطاكية إلى أدنه نقونية، وشدة برد الأناضول في الصيف
وينزل الشيخ في مدرسة شمسي باشا في الآستانة، ولشمسي باشا هذا الذي كان حاكماً للشام، مدرسة باسمه في دمشق، ويتقبل دعوة ابن عمه السيد محمد خليل البكري وكان شيخاً (أي رئيساً) لمدرسة حسن باشا المقتول في الآستانة (قتل ١٠٠٦هـ)
ومن العجب حقاً أن يكون الشيخ في سفرته هذه وفي غيرها دائم الاتصال بإخوانه ومريديه، فتراه يحرر لهم الكتب ويرسل لهم القصائد من كل مكان، كما يتلقى منهم الأجوبة على كتبه وكلها بصف شوقهم إلى لقاء الشيخ والاجتماع به
فمن ذلك أن سليمان باشا المعظم والى الشام عتب على الشيخ عدم مكاتبته له من الآستانة، فبعث الشيخ يعتذر لجناب الوالي ويذكره أنه أرسل له سلاما خاصاً عن طريق كتاب بعث به إلى صديقه الحاج حسن جلبي بن مكي الغزي، وقد كان في معية الباشا، ثم يقول له إن المانع من مكاتبته هو مراعاة مقام الباشا الخطير
ومما يلفت النظر أن الحاج خليل بن كشيش شيخ مقاطعة الرجيل في العراق، وقد كان آنذاك في الآستانة اندرج في سلك المتصوفين وأصبح من أعوان الشيخ، وكان الحاج خليل هذا قد اجتمع بالشيخ البكري يوم زار العراق
وكان من عادة الشيخ أن لا يتحرك في سفر، قبل أن يستخير الله، فإذا ما ظهرت الإشارة منبئة بالسفر فعل ذلك، على اعتبار أن إرادة الإنسان الضعيف في الرحلة والسفر، مرتبطة بإرادة الله، وأن ذوي الكشف الرباني ينتظرون ظهور مثل بلك الإشارة قبل التحرك من مكانهم
ومع أن الطريق البري يستغرق من ٢ ربيع الأول إلى حوالي منتصف جمادى الأولى للوصول من دمشق إلى الآستانة فإن الرحلة البحرية في المركب لم تستنفد أكثر من أربعة