عشر يوماً إذ ترك ميناء (بشك طاش) في الآستانة في السابع من رجب ووصل الإسكندرية في ٢١ منه
وعجيب حقاً ما كان يبديه الشيخ من النشاط في بث دعوته، فهو كالحركة الدائمة لا يهدأ في نشرها بين كبار الحكام، وشيوخ الإقطاع، وطبقة التجار، بل وطلاب الأزهر المجاورين من صغار الشبان!
ويصف لنا الشيخ سوء معاملة رجال المكس في الإسكندرية ويشكو مر الشكوى منهم، ومن الغريب أن ينطبق هذا على ما وصفه لنا ابن جبير في رحلته عن (جمرك) الإسكندرية في القرن السادس الهجري!
ولم يهدأ الشيخ في نشر دعوته في الإسكندرية ورشيد والقاهرة، وهو يصف لنا أشهر مشاهد هذه المدن المصرية، ويذكر لنا من اجتمع إليهم من كبار مشايخ عصره، وقد أخذ البعض منهم عنه الطريق كالشيخ الحفناوي
ويلاحظ أن الشيخ انتهز عودة الوزير المشير عثمان باشا فأنضم إلى القافلة العائدة من مصر إلى فلسطين
ويذكر الشيخ بألم ظاهر ضعف الحكام، وعدم حزمهم للضرب على أيدي قطاع الطرق في هذا الطريق العالمي، ويعجب من ضعفهم، ومما لا ريب فيه أن القوافل كانت تتعرض لتعدي العربان وأذاهم، وقد كان الشيخ يفقد بعض كتبه في هذه الغارات مما كان يؤلمه ويحز في نفسه
ويصف لنا الشيخ حسن استقباله في غزة، ويذكر خراب جامع هذه المدينة، كما ينزل ضيفاً على آل الخيري، ومنهم مفتي الرملة، وقد كان من مريدي الشيخ وأتباع طريقته
ولا ريب أن الشيخ البكري، القطب المتصوف، إنما كان يرحل هذه الرحلات لنشر طريقته وإكثار مريديه، وإذا كان أسلوبه، وتفكيره وجل همه موجهاً إلى هذه الناحية، فإنه لا مراء قد ترك لنا ثروة ذاخرة بالمعلومات والآثار مما يلقى ضوءاً على حالة البلاد ومشاهدها، ورجالها وحكامها، والأمن العام فيها في القرن الثاني عشر الهجري
وقد يقال أنه لم يصف لنا وصفاً موضوعياً ما شاهده من المدن والقرى والمعاهد، ولم يفصل حيث أوجز، ولكن لو لم يكن الشيخ متصوفاً لما قام بهذه الرحلات، ولكنا حرمنا من