للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الاعتزال!

للكاتب الإنجليزي هاتسفورد جونسون

بقلم الأديب سيد أحمد قناوي

غطت الآنسة (ويلدون) آلة الكاتبة بعد أن نال منها الملال وأدركها الكلال ثم ارتدت معطفها الخفيف الداكن اللون وألقت نظرة سريعة على المنضدة الكبيرة التي أمامها ثم أطفأت المصباح الصغير لتبارح مكان عملها.

كانت قد تأخرت عن موعد انصرافها من العمل كل ليلة، فكل الغرف قد أقفرت من شاغليها وأمستالعمارة الكبيرة في صمت موحش، وسكون رهيب. . . ولكنها لمتكن في حاجة إلى الإسراع في العودة إلى منزلها الصغير، فليس هناك من ينتظرها. . .

وهذا العمل ينسيها إلى حد ما عزلتها الموحشة التي تعيش فيها فضلاً عن أن تأخرها يساعدها على أن تجد مقعداً في السيارة تستريح فيه من عناء يوم قضته في العمل بدون انقطاع ولا فتور.

كانت الآنسة (ويلدون) قد بلغت السادسة والثلاثين من عمرها. . . ولم تسعد بما تسميه الفتيات (اللحظة السعيدة)؛ فهي لم تحظ بزوج يخفف عنها أعباء الحياة، ولم تعرف رجلاً شريفاً يذهب بها إلى (دور السينما)، ولم يقدر لها قط أن تجد شاباً عند الباب ينتظرها ليتأبط ذراعها ويسير بها إلى حيث يعلم هو وحده. كانت قد سمعت بهذا كله همساً من الفتيات الكثيرات اللاتي عملت إلى جانبهن. . . ولكنها هي لم تعرف حقيقة المشاعر التي تجيء في ضوء هذه الحوادث. . . ومع ذلك فهي سعيدة بعملها سعيدة بغرفتها الصغيرة في (بييزووتر). وبذلك الطريق الهادئ الذي تقطعه على قدميها كل صباح وسط (كنجستون جاردتر)، فإذا أظلم الليل وعادت إلى غرفتها وجدت فرصة طيبة لتتناول كوباً من الشاي ثم لتأكل بعض البيض والجبن ثم تنصرف إلى المطالعة. . .

وتذكرت (الآنسة ويلدون) وهي تهبط الدرج إلى باب المنزل أن برنامج الإذاعة جميل، وعلى هذا فستستطيع أن تقضي بعض الوقت في سماع الموسيقى؛ وقد تستطيع بعد ذلك أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>