تضطجع في فراشها لتقرأ قصة من القصص العاطفية التي تدخرها للحظات العزلة.
وبلغت الآنسة (ويلدون) الطريق ولكنها وجدت ما أدهشها. . . فقد كانت السماء تمطر مطراً خيل إليها أنه يزداد لحظة بعد لحظة، وصدمتها هذه الحقيقة فهي لم تفكر في هذا المطر ولم تتوقعه. ثم إن معطفها الخفيف لا يمكن أن يرد عنها البرد وإن ردّ عنها قطرات المطر إلى حين، وضاقت بالمارة الكثيرين الذين يسرعون الخطى إلى محطة السيارات لأنها لن تجد المقعد الخالي الذي ترجو أن تستريح فيه. وإنه لا يبقى أمامها إلا أن تسير على قدميها مسافة لا تقل عن ميل حتى تصل إلى محطة المترو، وهي مسافة ليست قصيرة ولا يسيرة في هذا المطر الوابل
ولكن الآنسة (ويلدون) تكره البقاء بلا عمل فجمعت أطراف معطفها حولها وراحت تجد في السير. . . وفجأة أحست يداً تلمس ذراعها فدارت على عقبيها لتجد نفسها أمام وجه باسم لرجل في قرابة الثلاثين من عمره. قطبت الآنسة (ويلدون) حاجبيها، فهي لا تعرف هذا العبث ولا تستمرئه، ولكن الرجل لم يلبث أن قال لها في هدوء:
- لا تسرعي هكذا، إن ثيابك مبللة. . خذي هذا.
ومد الرجل يده بمعطف من المعاطف التي تقي من المطر. . ودون أن تدرك ما تقول أجابت في همس:
- شكراً لك. . إنني راضية بهذا البلل. .
ولعلها كانت تريد أن تضع حداً لهذه القصة التي لا تسيغها ولا تريدها. . ولكن الرجل لم ينصرف بل قال:
- لا تكوني حمقاء. إنك تسيرين بنفسك إلى حتفك فهمست قائلة:
- ولو كان هذا حقاً فماذا فيه؟
فابتسم الرجل وهو يقول:
- ليس جميلاً أن يموت الإنسان في مثل هذا السن. تدثري بالمعطف، وأنقذي هذا الصدر الجميل.
وكان صوت الرجل قوياً يحمل على الطاعة، وكان جديداً على سمعها لم تعرفه من قبل، وهي إلى جانب هذا في حاجة إلى هذا المعطف، فلم تشعر إلا بالمعطف حول جسمها،