[رسالة الشعر]
ذكرى ياسين باشا الهاشمي في الموصل
ياسين البطل
للأستاذ أنور العطار
يا صور ةً ِملؤُها الإحسانُ ساميةً ... قبستُ من وحيهاَ الشعرَ الذي أَجدُ
غنى بها الدهْرُ مزهُورًّاً برَوْعِتها ... وعاشَ يمَرحُ في أعطِافها الأبدُ
يُمُّدها النورُ بالأفلاكِ ساطعةً ... حتى تكادَ منَ الأَضواءِ تتَّقدُ
قالوا لمنْ صُغْتَ حُرَّ الشِّعر تكرمةً ... ومَنْ تُرى بثناءِ الدهْرِ ينفرِدُ
فقلْتُ (للهاشمي) الفَذِّ أُحْكِمُهُ ... وأَنْتَقي الكلِمَ الباقي وأَحتشِدُ
(ياسينُ) نورٌ مِنَ الإخلاصِ مُؤْتلقٌ ... مِنْ نَفْحَةِ اللهِ لم يُخْصَصْ بهِ أَحدُ
مِنْ معْدِنِ الحزْم والتصميم جوهَرُهُ ... يكونُ حيْثُ يكون الرأْيُ والسدُدُ
إذا العُرُوبةُ لم تسلُكْ مَحَجَّتَهُ ... يوْمَ الهزاهِزِ لم يبْرَحْ بها أَوَدُ
ضمِنْتَ للوطَنِ المجروح عِزَّته ... فأَنْتَ آمالْهُ الكْبرى وأَنْتَ غَدُ
أمّا تذكرُ أياماً لهُ غَبَرَتْ ... وَملْءُ أَحشائها التَّرْويعُ والسَّهَدُ
تفتَّحَتْ حُفَرَ الأَجْدَادِ صارِخةً ... وهَبَّ مِنْ رقْدَةِ الآبادِ ملْتَحِدُ
شَببتَهَا ثوْرَةً حمراَء لاهَبةً ... تكادُ مِنَ هَوْلها الأَطوادُ تْرتِعدُ
لِسَانُها في الفَضَاءِ الرحْبِ مندْلَعٌ ... ووهُجها في فّم الجوزَاء منعقدُ
يسيلُ (دِجْلَةُ) صخَّاباً بها حَنِقاً ... يرْغو على ضِفتَّيْه الثأْر والضَّمَدُ
وأنْتَ في غمرات الموتِ تَقْحَمُها ... تُظلُّ نفسكَ روحٌ للعلى ويدُ
في فتيةٍ حلَبُوا الأَيامَ أَشْطُرَها ... وصافحوا الموتَ لم يفتُرْ لهم جَلَدُ
عاشُوا جمالَ الدُّنا حتى إذا أنزلتْ ... بِهم مناُياهُم بين الورى خَلدُوا
كأنما يبدءونَ العمرَ ثانيةً ... فإِنْ هُمُ لفظُوا أَنفاسَهُم ولُدوا
كأَنهُمْ في فضاءِ الله ألْوِيةٌ ... دَمُ الجهادِ عَلَى أَطرافهَا يِقدُ
والمخلصونَ جلالُ الكوْنِ ما طلعُوا ... والمخلصونَ سنَا الأيام ما همدُوا